الأربعاء، 22 يونيو 2022

ضوء تخبزه يداك... (1)، إسماعيل هموني/ المغرب

الشاعر: إسماعيل هموني/ المغرب

ضوء تخبزه يداك... (1)

أرفعني إلى السماء غميس عطرك؛ ها سبيلي يرتق وشوشات روحي؛

أراه امتداد لغتي بين سنابل الوحي ووقتي.

يا طفلة تحلّلت من صمتي؛ كيف جاء يسعى بها خفي حرفي؟

مدّي فيضك فوق الزمان لأرى وجهك عنبا تدلّى من حلم ذاتي.

كيف أقطف عشب معناي من معناك بحرف ساجد في عينيك؟

أنا؛ الّذي تجول لغته باشتهائي؛ لا تملّ من سهاد اللّيالي.

ترفو شبق الوقت على صولات الرقص؛

كأنّها تحيك المجاز من نشوة الفصول.

أنجو من عينيك مرتين؛

هنا ضوء تخبزه يداك فجرا يمشي على جسور الذهول.

كيف أصحو من سؤال عطرك؟

مذ غدوت كتاب النحو بين شفتيك؛ فاض المعنى من بئر معطلة؛

وضجّ الصمت في قصر مشيد.

على وتيرة الجرح؛ نبع عطرك بين أناملي؛

رأيت قنديل خطوي يلبس حدوسي.

من يمشي على فخاخ العطر تراه طفلا بلا زمن.

إسماعيل هموني/ المغرب

الجمعة، 17 يونيو 2022

قراءة في رواية "اللّواجيست" لعبد المجيد يوسف،،، المجهر اللّغويّ النافذ للبواطن عبر الظّاهر (1) بقلم صالح مورو/ تونس

 قراءة في رواية "اللّواجيست" لعبد المجيد يوسف

المجهر اللّغويّ النافذ للبواطن عبر الظّاهر (1)

بقلم صالح مورو/ تونس

توطئة

عبد المجيد يوسف كاتب تونسيّ، مكانه بين الشّعر والرّواية، النّقد والتّرجمة، البحث والثّراء الفكري... لا يهدأ... الكتابة ديدنه الوحيد... ورث القراءة في مفهوم المطالعة عن والده منذ الطفولة... أصيب بالنّهم وبقي كذلك... تهاجمه القصيدة في لحظة فارقة، مشحونة ومكثّفة... أمّا مولد الرّواية لديه فينبعثُ من خلال تأمّل عميق ورويّة ثاقبة في منحًى من مناحي الحياة... ولكم أعجبتني روايته الأخيرة "اللّوّاجيست أو نجمة الرّاعي" وإعجابي بها دفعني لمحاولة قراءتها في هذه الورقة... على طريقتي ومن وجهة نظري... زادي في ذلك القارئُ المُعجَبُ بهذا الأثر وكلّ أملي أن لا أسيء لمضمونه ولو بشائبة.

 تقديم الرّواية

تصديرا لروايته، تبنّى الكاتب مقتطفا من الآية 29 من سورة غافر متمثّلا في قولةٍ لفرعون: "ما أريكم إلا ما أرى"... فِرعون هذا، أشهر طغاة الزّمان والإنسانية على الإطلاق كما يقولون... لو نظرنا في قِيله لانتهينا إلى أنّ كلَّ ما سيُروى داخل هذا الأثر، سيكون بعلاقة متلازمة بـــــ"التّناصّ القرآني" في المعنى داخل المقتطف من الآية، لكن بعيدا عن مخيالنا الدّيني الذي قد يعمد أحيانا إلى "لَيِّ أعناق النّصوص" كما يقول الباحثون. قِيلُ فرعونَ جاء ردّا على قِيل المؤمن من آلِهِ، نَاهٍ إيّاه عن قتل موسى...

المجهر اللّغوي النّافذ من الظّواهر إلى البواطن في البناء الرّوائي:

يقولون: "إنّ الشّاعرَ تُرجُمان النّفس، كما أنّ اللّسان تُرجمان القلب مثل هذه المسلّمات تُحيلني مباشرة إلى لُبِّ رواية الكاتب عبد المجيد يوسف "اللّوّاجيست"، وما اعتمد عليه من واقعيّة وخيال ولغة بأساليبَ فنّيّةٍ راقيةٍ، لبلوغ سبر أغوار شخصيّاته داخل روايته هذه التي نروم الوقوف عند مضمونها لتفكيك ما يمكن تفكيكه ووضعه أمامنا للنّظر فيه مليّا إن استطعنا إلى ذلك سبيلا...

عقدة الرّواية وفكّها

انبجست عقدة الرّواية، وفي جوهرها "عاطفيّة"، من رحم ذاكرة المسافرة الرّابعة وهي شابّة "طبيبة"، قد جمعتها الصّدفة ذات مرّة في سفرة مع "اللّوّاجيست" من بنزرت إلى تونس العاصمة حيث تشتغل بمستشفى الرّابطة... قالت بعد أن رَكَنتْ حقيبتها في مؤخرة السيارة واقتربت من مقعد الباب الأمامي يمين السائق وكان به رجل، قالت للّوّاجيست: "ما نعرفش وين لاقيتك، وجهك موش غريب عليّ بالمرّة... أنا شبه متأكّدة..." اكتفى بأن تمتم: "ممكن... علاش لا؟". رفضت الصّعود متعلّلة بما يُصيبها من دوّارٍ بالرأس وغثيانٍ وتقيّءٍ وما يمكن أن تُحدثه من تعطيلٍ خلال الرّحلة... أصرّت على البقاء واقفة، نظر إليها الرّجل الأمامي بعد أن سمع قولها فبادرها قائلا: أنا مثلكِ تماما، بل أفدحُ منك بكثير وانبرى يقدّم حُجَجًا علميّة دامغة أفضت بالسّائق إلى إمكانيّة ركوبهما معا في نفس المقعد بما أنّ السيّارة مازالت شبه فارغة، وكان الأمر كذلك... نزل الرّجل الأمامي، صعدت الطبيبة، زحفت سنتمترات إلى الشمال، صعد الرّجل وأغلق اللواجيست الباب فزحمه وتراصَّا مثل سردينتين في علبة... انطلقت اللّوّاج بأربعة مسافرين في اتجاه صفاقس فالجنوب. طلب السائق وضعَ حزام الأمان، ما أجبر الطبيبة على أخذ طرف الحزام وأطالته وغرزته في المنشب الذي عن يسارها وهكذا دخلت (هي والرجل في قميص واحد). نظر الرجل الأماميّ إلى الحزام وقد نزل بين نهديْ الطبيبة وفصلهما فصلا وأبرز نتوءهما. فقال: (بينهما برزخ لا يبغيان). نحن أمام لوحة سورياليّة. نظر إليه من في السيارة ولم يبدُ أنّ أحدا فهم مقالته. نلاحظ أنّ المقطعين الواردين بين قوسين جاءا في تناصٍّ قرآنيٍّ ثابت: المقطع الأوّل وردت الجملة "هي والرّجل في قميص واحد" في إشارة إلى قميص يوسف شاهدا على صراعه مع امرأة العزيز إن كان قميصه قُدّ من دبرٍ أو قُبلٍ لإثبات الخائن. إمكانيّة قدّ أو شقِّ قميصٍ واحدٍ من طرف اثنين لا تَرِدُ إلا في حالة قميص يوسف بناء على الآية 25 من سورة يوسف ((واستبقا البابَ وقدّتْ قميصه من دُبر وألفيا سيّدها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يُسجن أو عذاب أليم)). أمّا المقطع الثاني "بينهما برزخ لا يبغيان" فهو الآخر يُبرزُ تناصّا قرآنيّا بليغا في تشبيه النّهدين المنفصلين بحزام الأمان ببحرين لا يلتقيان، هذا عذب وهذا مالح، لأنّ لكلّ واحد منهما خصائصه التي يتميّز بها، فوضع الله بينهما برزخا، في شبه حزام الأمان، فاصلا لكيلا يبغي أحدهما على الآخر، بناء على الآيتين 19 و20 من سورة الرّحمان: ((مرج البحرين يلتقيان* بينهما برزخ لا يبغيان)). مشاهد كانت مباشرة بعد الانطلاق من العاصمة. بعد مسافة هامّة، وقفت السيارة بمحطةِ استراحةٍ وصبِّ البنزين، نصفُ ساعةٍ ورجع الجميع إلى أماكنهم. أخذ الرجل الأمامي حزام الأمان وسحبه مليّا حتّى يبلغ المنشب البعيد شمال الطبيبة... أحسّت بتماسٍّ جليٍّ بينها وبين جارها حتّى لامس مرفقُه نهدها الأيمن... تحرّكت قليلا لتبتعد، لكنّ الرّجل ما فتئَ يُلقي نظرة مواربة على جيب قميصها من حين لآخر... واتّضح البغْيُ وانكسرت حرمةُ البرزخ على اليابسة... ركن اللّوّاجيست إلى مقعده، ماسكا مقوده بين يديه، موزّعا بصره على بهو الطريق في نظرة استشراف وقيادة، يتحكّم في مُكوّنات السيّارة بما فيها من أشخاصٍ وآلة... خيّمَ الصمت على المجموعة لريبةٍ ما... أحسّ الرجل الأمامي بالضّيق، طلب من السائق الوقوف قائلا: "بربّي أوقف لحظة... ما فيش فايدة..." ثمّ نظر إلى الطبيبة، فهمت رغبته، فكّت حزام الأمان، نزل وبيده حقيبته، فتح الباب الجانبيَّ وصعد إلى الخلف تماما داخل السّيارة وراء المسافريْن الآخريْن ويبدوان مُتكتّميْن كأنّ على رأسيْهما الطّير... رآه اللّواجيست في المرآة العاكسة الدّاخليّة قد استقرّ في مقعده، ابتسمت الطبيبة مُستَجِمَّةً بالاتّساع الحاصل بعدَ رحيل الجار الثقيل، ونظر إليها مبتسما كأنّ هناك ارتياحا شعُرا به معا... وانطلق الحديث فيما بينهما وتوالت الابتسامات... لكنّ الرّجل الأمامي الذي أصبح خلفيّا ما انقطع عن مشاكسة الطبيبة من حين لآخر، عارضا عليها خدماتِه إن رغبت في ذلك... نهاية الرّواية ستكون كفيلة بتأكيد ما رصدناه من "عقدة" وما توصّلنا إليه من فكٍّ لها بحكمةٍ وبراعةٍ مردّهما ذكاءُ اللّوّاجيست مع صبره وأناته.

(يتبع)

بقلم صالح مورو/ تونس

مرحبا بكم في مجالس الرّكن النيّر للإبداع

23-4-2020

Flag Counter

أصدقاء مجالس الرّكن النيّر

أبو أمين البجاوي إسماعيل هموني البشير المشرقي البو محفوظ العامريّة سعد الله الفاضل الكثيري أماني المبارك أميرة بن مبارك إيمان بن ابراهيم إيناس أصفري بدوي الجبل بسمة الصحراوي بشر شبيب جمال الدين بن خليفة جميلة القلعي جميلة بلطي عطوي حليمة بوعلاق خالد شوملي خير الدين الشابّي رائد محمد الحواري سعيدة باش طبجي سلوى البحري سليمان نحيلي سنيا مدوري سوف عبيد صابر الهزايمه صالح مورو صباح قدرية (صباح نور الصباح) صبيحة الوشتاتي صفيّة قم بن عبد الجليل عبد الأمير العبادي عبد الحكيم ربيعي عبد العزيز جويدة عبد الفتّاح الغربي عبد الله بن عيسى الموري عبد المجيد يوسف عدنان الغريري عزّ الدين الشّابّي عنان محروس غادة إبراهيم الحسيني فاطمة محمود سعدالله فردوس المذبوح فيروز يوسف فيصل الكردي كفاية عوجان لطفي السنوسي لطفي الشابّي لمياء العلوي لودي شمس الدّين ليلى الرحموني محمد القصاص محمّد الهادي الجزيري محمّد سلام جميعان محمّد صوالحة محمّد مامي محمّد مبروك برهومي محمد مبسوط مختار الماجري مراد الشابّي منى الفرجاني ميساء عوامرية ناصر رمضان ندى حطيط هندة السميراني وهيبة قويّة يوسف حسين