قراءة في رواية
اللّواجيست لعبد المجيد يوسف
المجهر اللّغويّ
النّافذ من الظّواهر إلى الباطن (4)
بقلم:
صالح مورو/ تونس
*الاسترجاع ودوره في الفواصل الزّمنيّة
التّاريخيّة
*لوّاجيست
الماضي، رجل المقعد الأمامي-الخلفي:
*حاضره: أواخر العشريّة الأولى
من الرّبيع العربي، واقعه بين يدي خليفة حفتر وفايد السّرّاج والمبعوث الأممي...
كان سائق سيارة أجرة بليبيا 2007 وسائق شاحنة إغاثة تابعة
للأمم المتحدة بجنوب ليبيا باتجاه دارفور، واليوم أصبح لا مقود
بين يديه ولا نجمة بكامل دلالاتها. يعيش التيهَ والضياع.
*ماضيه القريب والبعيد:
"عهد القذافي وكيف كانت جرائم القتل تتحل داخل القبيلة
والحاكم ما يتدخّلش فيها واللّيبيّة اليوم يتقاتلو موش باسم القبيلة ولكن باسم
المصالح الفرديّة... لحساب القوى الأجنبيّة." حنينه وشوقه لتاريخ مدينة
غمراسن بولاية تطاوين والتي كانت عاصمة دولةٍ ما بين القرنين الخامس عشر والسّادس
عشر، كان اسمها "قصر حمدون". هذه العاصمة سَاسَها رجل بمن فيها وما
حواليها من قبائل عربيّة وبربريّة، بعد أن جمع رؤساءها وصالح فيما بينهم فأصبحوا
بذلك قوّة إقليميّة اتحاديّة. هذا الرّجل القائد، جاء من السّاقية الحمراء بالمغرب
على ظهر ناقة، والذين معه ستّةٌ من رفاقه، غلاظ شداد، لا يعصون سيّدهم ما أمرهم...
رحماءُ بينهم، أشدّاءُ على الأعداء... اسمه "الشّريف الإدريسي" قائدُ
دولةِ ورغمّة وعاصمتها "قصر حمدون".
*مُستقبله: يَحلمُ بعودة الماضي التّليد. قال: "شوف يا ولدي،
التقدّم الي صارت عليه الشعوب حكاية فارغة... والموديرنيزم والدّيمقراطية والأحزاب
والتعدّدية وحقوق الإنسان والانتخابات... موش متاعنا... يحبُّو يلبّسو برطلّة
الانتخابات للقبائل اللّيبيّة... حتّى لينا نحن التوانسة خاطيتنا الدّيمقراطيّة...
القبيلة مازالت في أعماقنا... والدين والدّيمقراطيّة كيف الشّمس والظّل... يَا
مدّيّن، يا ديمقراطي... الاثنين مع بعض موش ممكن. أروبّا ما صارتْ ديمقراطيّة إلا
ما خلعت الدّين وخلّاتو في الكنيسة... اليوم ليبيا يلزمها راجل يرجّع اتحاد
القبائل... لو يطل علينا (الشريف إلادريسي) فجأة... نأكّدلك اللّوّاج الماشية من
تونس لبنقردان وإلا لتطاوين تتعبّا في ربع ساعة"... كانت هذه رؤية لوّاجيست
الماضي وما تمثّله خلال فترة العشريّة الأخيرة وما قبلها... قبل ثورة الربيع
العربي بالجارة ليبيا... لكنّ السّيلَ جارف والأمر خلاف ما يرى...
لوّاجيست
الحاضر... القائد:
*لوّاجيست الحاضر: واقعهُ حاضرٌ مَعيش... ضمن واقعٍ
مُعاصر وجبتْ مسايرته داخل فترة تاريخيّة تشهد تحوّلات عالميّة عميقة بحكم العولمة
والمسار الحضاري... وهو ما يقتضي الصبر والأناة والتّروّي والكثير من الحكمة...
وبما أنّ هذا اللّواحيست هو قائد المركبة... مركبة تسلّمها للقيادة أواخر العشريّة
الأخيرة من ثورة الرّبيع العربي... قيادة كان يحلم بها كمن يحلم بحيازة
"نجمة" مُضيئة في ركن من السماء... فيها ما فيها من الآمال والأحلام
حياةً، قيمًا، حبّا، حرّيّة... تلك النجمة المضيئة هي "نجمة الرّاعي"،
تلك الأسطورة... أسطورة لا ككلّ الأساطير، نزلت من عليائها لتكون بين يدي هذا
القائد باعتباره راعٍ لما يقود وأسبغت عليه اسما جديدا "راعي النّجمة"
وما تعنيه من دلالات... فإمّا أن يكون في مستوى الرّعاية كما تمّ العهد بينهما،
وإمّا فنصيبه الصَّلبُ... ليخرجَ البطل الثّاني... المنتظَر... سيكون ذلك الطفلَ غيرَ
المُتوقَع... ذلك النّشء المنتظرَ الذي لن يخيب إطلاقا... أ لمْ نقلْ إنّه ابن أمّه؟ تلك السيّدة
الشابّة السمراء الجميلة، ذاتُ الجسدِ الأسطوري، بضفيرةٍ طويلةٍ تنسكبُ على طهرها،
مثلُ هذه الأمّ ما ولدتْ عقيمَا...
*مواطن
التّناصِّ القرآني داخل الرواية
*(وتبسّم
ضاحكا من قولها) مجزوء من الآية 19 من سورة النمل ((فَتَبَسَّمَ
ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ...)) والمقصود بالمتبسّم
سليمان مع النملة...
*(يُقلّبه ذات اليمين وذات الشمال) في إشارة إلى سورة
الكهف، الآية 18 ((وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات
الشمال))
*(جعلوا
الليل معاشا والنّهار سُباتا) عكس مفهوم الآية 47 من سورة الفرقان ((وهو الذي
جعل
لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا))
*(وأسرّها في نفسه) في
إشارة إلى الآية 77 من سورة يوسف ((قالوا إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل فأسرّها يوسف في نفسه ولم يُبدها))
*(هي
والرّجل في قميص واحد) في إشارة إلى قميص يوسف شاهدا على صراعه مع امرأة العزيز الآية 25 من سورة يوسف ((واستبقا البابَ وقدّتْ قميصه من دُبر وألفيا سيّدها لدا
الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يُسجن أو عذاب أليم)).
*(بينهما برزخ لا يبغيان) في إشارة إلى الآيتين 19
و20 من سورة الرّحمان: ((مرج البحرين يلتقيان* بينهما
برزخ لا يبغيان)).
*أكله
الذئبُ وأنتَ (عنه غافلون) في إشارة إلى يوسف وما قاله أبوه لإخوته حين أرادوا أن
يذهبوا به معهم. الآية 13 من عنه غافلون سورة يوسف (قال إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ
وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ ((عنه غَافِلُونَ))
*(وبالنّجم هم يهتدون) في إشارة إلى الآية 16 من
سورة النّحل ((وعلاماتٍ وبالنّجمِ هم يَهتدون))
بقلم
صالح مورو/ تونس