الأحد، 31 يناير 2021

أمانٍ كثيرة، بشر شبيب/ سوريا

الشاعر: بشر شبيب/ سوريا
 

أمانٍ كثيرة

 

سأحلمُ في كلّ يومٍ وعامٍ وقرنٍ وساعة

وفي كلّ حبٍّ وحربٍ وكفرٍ وطاعة

بأنّي كوردِ الرياحينِ أهفو مع الريحِ دوماً إليكِ

سأحلمُ أنّي أشيلُ غبارَ القرونِ الثقيلةِ عن ناهديكِ

وألثمُ ألثمُ من عسلِ العشقِ فوق يديكِ

سأحلمُ بالحبِّ حين يكونُ متاحاً

لموتِ الحبيبِ... العشيقِ... الغريقِ على شفتيكِ.

 

سأبني قصوراً على شطِّ نهرِ الفراتِ الحكيمِ

وسوفَ أغارُ على قاسيون ،

وحارتنا في دمشقَ القديمة ،

وأزرعُ ما بين روضٍ وروضٍ رياضاً نديّة

لأجل الغرامِ وشعبي العظيمِ

وأمشي وكفّي بكفّكِ مثل الأساطيرِ بين الرعيّة

وحينُ نمرُّ سيسقطُ وردٌ، وتينٌ، ومانجو

كما في الحكايةِ فوق يديّا

وسوف أنادي كبيرَ الطهاةِ

وعطّارَ قصري وأهلَ الحميّة

فلا تعجبي إذا ما شممتِ هواءًا نقيَّا

إذا ما رأيتِ ألوفَ العصافيرِ

تأتي تنامُ على مِعصَميَّا

ولا تسأليني

لماذا...

وكيفَ. ..

 وأينَ...

وماذا لديّا ؟؟!

فإنَّ القصيدةَ تجعلُ من كلّ أسطورةٍ واقعاً

وتخلقُ في هذهِ الأرضِ فسحةَ عيشٍ كريمِ ،

وفرصةَ موتٍ كريمِ ،

وشعباً أَبيَّا.

 

تعالي أحبّكِ يومينِ قبل ارتفاعِ الأماني

وخلّيني أبحرُ في بحرِ عينيكِ

ستّين عاماً بخمسِ ثواني

أنا من غرامٍ خُلقتُ ومن ياسمين

ومن ماءِ زهرِ الأغاني عُجنتُ ومن مندولين

تعالي وأَلقي يدي في يدَيكِ إلى غيرِ حين

تعالي لنلغي حدودَ الزمانِ ونلغي حدودَ المكانِ

ونجري طليقينِ في الأرضِ

نحو الحقيقةِ مثل الحصانِ

تعالي أحبّكِ يومينِ... عامين... قرنين

لماذا نحدّدُ وقتاً ؟!

لماذا نخافُ سياطَ الزمانِ؟!

ومثلنا في الضّوءِ يمشي

وفي ورقِ الوردِ يمشي

وفي قصصِ العاشقين

وفوق خيوطِ الأغاني.

 

سننمو على سورِ بيتٍ دمشقي

قصّةَ حبٍّ وبستانَ شِعر

وننبعُ من كلّ خطوٍ خطوناهُ

قصائدَ من عملِ الذكريات

ونعبرُ في العامِ مليونَ عصر

ونسألُ عن زمنٍ كنّا فيهِ كما الأغنيات

سندخلُ ديوانَ هارونَ وآلِ الرشيد

سنعقدُ صلحاً بين الأميرِ وبين الشهيد

وننقذُ مليونَ جيلٍ بريءٍ ،

ونخرجُ من زمنِ الثأرِ والترّهات.

 

سنعبرُ أمواجَ هذا المحيطِ الكبير

على زورقٍ من دماءِ الحرير

سنحكي لكلّ الشعوبِ الّتي تتشظّى

وتُركبُ بالخوفِ والقمعِ مثل البعير

بأنَّ القصائدَ لا تُستجارُ ولا تستجير

وأنَّ الأماني بدونِ قرارٍ ،

بساطٌ عتيقٌ ولا تسوى قرش ،

وأنَّ العصافيرَ تخرجُ عن صمتها بالصفير

وأن الغرامَ الّذي نحكي عنهُ

بكلّ كتابٍ وديوانِ شعر

وتلك الدموعُ التي تنمو ورداً

على كلّ جرحٍ وفي كلّ قبر

بدايةُ تغييرِ هذا المصير.

 

سأحملكِ مثلما يحملُ الشعرُ قلبي

ومثلَ البيادرِ في أرضِ شعبي

تعالي أحبّكِ... أمامَ الجميع

وأتلو على الشّمسِ آياتِ حبّي

كأنّي الرسولُ الأخيرُ وأنتِ الرسالة

كأنّي نهايةُ هذا النّشيدِ وأنتِ البداية

فكم فتّحَ الياسمينُ ،

حين مررتِ  بألفِ احتمالٍ على جرحِ روحي

وكم أورقَ النورُ في عتْمِ دربي

فخلّيكِ مثل الحمامِ الدمشقي

ومثل الفَراشِ الصغيرِ بداخلِ قلبي

وخلّيكِ جنبي.

بشر شبيب/ سوريا 

الجمعة، 15 يناير 2021

خُلقَ إنساناً (شيزوفرينيا )، حوار أداره الأديب سليمان نحيلي مع الأديبة عنان محروس

 
خُلقَ إنساناً (شيزوفرينيا ) ...

حوار أداره الأديب سليمان نحيلي مع الأديبة عنان محروس

باكورة روايات الأديبة الأردنيّة عنان محروس الصادرة عام 2019 .

تنتمي الرواية إلى الخط الاجتماعي، حيث تتناول الناس المهملين سكان العالم السفلي والمحرومين حتّى من حقّ النسب. حكاية بطلها طفل فتكت الحرب الأهلية في لبنان بوالديه فتلقّفته امرأة وزوجها ليمنحاه أبوّتهما عبر تزوير وثيقة ميلاده ونسبه مع عدد من الأطفال لتقوم بإساءة معاملتهم واستغلالهم في التسوّل لأجلها، ودفع البنت سلمى لبيع جسدها في سوق الرذيلة. وليظهر لدى الطفل مرض انفصام الشخصيّة الذي يتحكّم بتصرّفاته.

وبمناسبة صدور هذه الرواية، كان لنا فرصة اللّقاء مع الأديبة عنان محروس لتسليط المزيد من الضوء عليها.

- في روايتك ( خُلق إنساناً ) استخدمت تقنية العنوان الفرعي ( شيزوفرينيا )، غالباً عندما يلجأ الكاتب إلى هذه التقنية يكون الهدف من ورائها بحسبان الارتباط بين العنوانين تفسير أو تكميل العنوان الرئيسي وتسليط حزمة ضوئية مكثّفة على جوّ الرواية وفتح آفاق الاستفسار والتصوّرات عن أحداثها بما يولد نوعاً من الجذب لدى القارئ،

.فإلى أيّ مدى يشغلك العنوان بشكل عامّ؟ وإلام كنت ترمين من وراء وضع فرعي لروايتك؟

*العنوان ليس فقط عتبة النص، بل هو نصّ مُوازٍ يبني الفكرة، وعنوان الرواية له تأثير خاص عند المتلقّي الواعي، والقادر على تحليل التركيب النحوي والنفسي للعنوان، وسبر غور العلاقة المنشودة، بين فرعيّ عنوان الرواية.

- فضّلت الأدبية عنان المحروس في عمليّة البناء الحكائي للرواية استخدام أسلوب السرد الذاتي للأحداث على لسان الأشخاص، فتمّ تقسيم الرواية إلى فصلين رئيسين حيث تولّى سرد أحداث كلّ فصل أحد البطلين الرئيسين في الرواية آدم – مريم

 . بقناعتك ماذا يقدّم هذا الأسلوب في السرد للكاتبة وللقارئ وللرواية معاً وبمعنى آخر ما سبب رجحان استخدام هذا الأسلوب في روايتك؟

*غلبة ضمائر المتكلّم في السرد، من خلال لسان أبطال الرواية، يجعل الرواية حيادية ومنطقية أكثر، وتعدّد الرواة، لعبة مسار حبكة الرواية والتشويق، لتحيل عناصر المفاجأة إلى جوارح القارئ وتكتمل الصورة

- لقد تم توظيف الاسم ( آدم ) في الرواية بشكل منتج وناجح كإسم يحمل دلالة تاريخية كبرى باعتباره أبو البشرية جمعاء قبل أن تتناهب الإنسانيةَ النزاعاتُ العرقية والطائفية والقومية وغيرها فهل سعيتِ بالمقابل إلى توظيف اسم مريم حين منحته للبطلة في الرواية وما الصلة بين مريم آل عمران ومريم التي رسمتها عنان؟

*آدم قصة موت نفسي، لم يعرف للحياة معنى، يشبه الكثير والكثير من البشر منذ ظهور آدم عليه السلام على الأرض، أمّا مريم فقد يكون صلتها مع مريم آل عمران يتعدّى الاسم إلى الظلم الذي وقع عليهما.

- أستاذة عنان من الناحية الزمنية والواقعية ولد ( الحبّ ) كشعور إنساني نبيل لدى الإنسان قبل ( الطائفية أو القومية أو العرق ) كمعطى بشري

.وعطفاً على الرواية وبحسبان اختلاف طائفتي كلّ من البطلين آدم ومريم، هل ذهبت الكاتبة في روايتها إلى ترسيخ مقولة أنّ الحبّ ينبغي أن يكسر الحواجز والخلافات بين بني البشر وأنّ الصفة الإنسانية هي القاسم والمعيار المشترك الأوحد بينهم وأنّه لا فضل لفردٍ على فردٍ إلا بالانسانية ؟ وبالتالي هل يشكل الزواج العابر للطوائف حلاًّ لمشكلة التجاذب الطائفي التي تحتدم في مسائل حسّاسة كالزواج أم أنّه بالعكس يُسعّرُ مسألة التجاذب الطائفي وخاصّةً عندما يثمر الزواج عند إنجاب أولاد وانخراطهم في مجتمعهم الواسع الرافض أساساً لتقبّل زواج مختلفي الطوائف؟ وإلى أيّ مدى ينطبق هذا الأمر مع مقولة: اإنّ قانون الحبّ هو الجنون وقانون الزواج هو العقل؟

*الدين لله والمحبّة للبشر. ولكن ما قيمة العقل بعيدًا عن العاطفة، وما قيمة الجسد بعيدًا عن الروح وبالتالي ما قيمة الدّين والإنسانية بعيدًا عن الأخلاق.

- ظهر البطل آدم في الرواية كضحيّة لمجتمع فتكت به الحرب الأهلية فهو طفل مجهول النسب تمّ تزوير نسبه وإلحاقة بأبوين لم ينجباه، فأضحى إنساناً مأزوماً محروماً مقهوراً، ولكنّه ذكيٌّ بنفس الوقت، وبالرغم من تفوّقه الدراسي إلاّ أنّ حقيقة نسبه وماضيه ظلاّ يلاحقانه، والسؤال أليس من المقبول وفقاً للتحليل النفسي لشخصية آدم القول إنّ حبّه وزواجه من مريم كان الهدف منه تلبية نداء مكنون في أعماقه وهو قطع الصلة مع ماضيه والخلاص من هاجس نسبه المجهول بالاقتران بمريم ابنة العائلة المعروفة ذات الجمال والمال؟ أم أنّه كان يبحث عن أم ًّ حنون تعوضه عمّا عاناه من فقدان أمّه الحقيقية وعن قساوة بهية أمه على الورق ربما وجدها بمريم؟

*لابدّ آدم بحث عن جميع ما ذكرت بمريم، لأنّ شخصية آدم لا تقرأ بمؤشّر واحد بل بعدّة مؤشرات، تباعًا على حسب المرحلة العمرية وما تعرّض له في حياته.

- يبدو من الرواية أنّ القدر استجاب لرغبات آدم الدفينة المتمثّلة بقطع صلته بماضيه من خلال موت من يعرفون حقيقته (الشيخ عماد ، أبو مريم ، سلمى ...) فهل يمكن أن يتكرّر ذلك مع آدم آخر على أرض الواقع؟

*الأماني محرّك حياتنا الخفيّ، والسّوي نفسيًا وعقليًا، لا يسعى إلى تسيير الأمور وفقًا لأمانيه إن تعارضت مع الخير لغيره، فلا يعالج الشرّ بالشرّ. لكنّ آدم إنسان غير سويّ بل مريض بسرطان الأمراض النفسية ( الشيزفيرينيا).

- ظهرت الرواية الشيخ عماد كرجل دين حقيقي منفتح ونبيل احتضن آدم ورعاه وعلّمه وأمّن له عملاً مرموقاً.

ترى كم من الشيخ عماد في مجتمعاتنا؟ وهل تكفي المبادرات الفردية لحلّ مشكلة خطيرة لمشكلة الأطفال ضحايا حرب الكبار؟

*الجهود الفردية لا تكفي طبعًا، بل نحتاج إلى تضافر جهود المؤسّسات المعنية، أمّا الشيخ عماد فيرمز في الرواية إلى كلّ محسن كريم، و إلى الضمائر الحية.

- عند عودة الشيخ عماد من عند أبي مريم حينما ذهب لإطلاعه على حقيقة آدم قبل مباشرة العمل لديه يصف آدم الشيخ عماد فيقول: (عاد شيخي مقطب الحاجبين فانهار أملي بيقظة الإنسانية والتسامح في قلوب البشر).

وعلى الرغم من أنّ المشهد يبدو كدعابة من قبل الشيخ عماد لآدم كمحاولة لتمثيل حالة رفض أبي مريم التحاق آدم بالعمل لديه الذي وافق بكلّ نبلٍ ومحبّة. ألا يمكننا السؤال عن ماذا قدّم هذا الموقف المخاتل من قبل الشيخ عماد للرواية، وهل كان من صالح آدم من الناحية النفسية؟ وماذا أرادت الكاتبة القول؟

ألا يشي هذا الموقف بقناعة مجتمعية راسخة في لاوعي الشيخ عماد (بالرغم من نقائه وخيريته) تقوم على رفض التعامل مع أمثال حالة آدم؟

*نحن نعيش في تجاذب وجدال مستمرّ، ما بين الخير والشرّ، هي قضية البشرية في كلّ عصر وحين، الكيان البشري ينجذب إلى خصائص الطين فينا، ولكن سمو أرواحنا تحاول تحقيق الخير والجمال، وهذا ما حدث مع أبي مريم.

- بدت علاقة آدم بالمكان متذبذبة وواعية في معظم مراحل الرواية، فهل يعزى ذلك إلى رغبة آدم المأزوم من واقعه بالاانفصال عن حقيقته وماضيه اللذان يلاحقانه، أم أنّه محاولة من الكاتبة لإسقاط الرواية وأحداثها على أشخاص آخرين مثل آدم وفي أماكن أخرى من العالم؟ هل ذلك من قبل تصدير الرواية إلى مجتمعات مماثلة لمجتمع آدم ، بمعنى هل تنحصر هذه الرواية ضمن حدود مكانها في المجتمع اللبناني بظروفه المذكورة في الرواية؟

*الاغتصاب الذي تعرّض له بطل الرواية، شكّل تحولًا ومنعطفًا خطيرًا في حياته. ولا أخص أبدًا المجتمع اللبناني بالذات، بل المجتمع العربي بأكمله الذي يتقلّب على تلٍّ من الخطيئة.

- هل يستطيع القارئ القول إنّ مريم في الرواية انتصرتْ للأمومة على حساب الحبّ والزواج؟

وهل يُبرّر لمريم تلبيتها لغريزتها ولو كانت نبيلة (الأمومة أن تكون خارج مؤسسة الزواج ) أي أن تحمل الجنين سفاحاً من غير زوجها؟

 ومن جهة أخرى أليس من الممكن لو أتمّت مريم الحمل وأنجبت أن يولد لدينا آدم آخر كآدم البطل مع اختلاف بعض التفاصيل؟

وهل في عدم المضي بمريم حتّى الأنجاب هو انتصار للأخلاق من قبل الكاتبة بحسبان عدم مشروعية الحمل أم أنّه تفريغ لعقدة آدم لكرهه للأولاد؟

*الأمومة أكبر محفّز لإنسانيّتنا، ومريم إنسانة ترتكب المعاصي والزلات، لم تكن ملاكًا، وإن انتصرت في النهاية للخير لتعيد ترتيب الفجوات والأخطاء في حياتها، إلى المسير القويم والعطاء.

- حفلت الرواية بصور وتراكيب ومقاطع شعريّة عديدة هامّة لكِ، ولعلّ هذا ليس غريباً عليك باعتبار أنّك تكتبين الشعر ولديك مجموعة شعرية ( ترجّل ) هل هذا يعني أنّ الرواية يمكن أن تستوعب أكثر من فن، وأين تجد عنان نفسها في الرواية أم الشعر؟

*في الحقيقة (هواجس، ترجل) هو عبارة عن مجموعة نصوص نثرية، فلا أعتقد أني شاعرة، سبقها مجموعة قصصية بعنوان (أغدًا ألقاك) ومسرحية (الجوكر) ولا أنسى (سلسلة حكايات ماما عنان ) للأطفال... يرى كثير من النقاد أنّ القص وباقي فنون الحرف طريقة طبيعية للنموّ الروائي، لكنّ القالب الذي يميل له قلمي، الرواية والقصّة.

- ويتساءل القرّاء عن مصير البطلين آدم ومريم وهل يخبئ لنا الجزء الثاني من الرواية مفاجآت ما تشغل العملية الدرامية على مدار رواية قادمة، أم أن ّ الكاتبة تبقى ميّالة لآدم الكاره للمفاجآت؟

*لننتظر... ربّما القادم سيقلب رّدة فعل القارئ والنقاد، رأسًا على عقب. وربّما آدم يكره المفاجآت، أّما عنان فتتبنّاها وتميل إليها في العمل السردي.

_بدا البطل آدم كناكرٍ لجميل الشيخ عماد الذي اعتبره كابنه واحتضنه صغيراً ورعاه كبيراً بكلّ محبة وتفان.

وتفان وذلك حين انهال على الشّيخ تقريعاً وصبٍّ جام غضبه من المجتمع على الشيخ عماد كثيراً كما لو أنّه يمثّل المجتمع وذلك عندما بيّن له الشيخ محاذير الدّخول في علاقة حبّ مع مريم ذات الدّين المختلف، هل تتّفقين مع هذا الرأي؟

*مبادئ وشرائع عديدة، نؤمن ولا نعمل بها. لذلك نقول ما لا نفعل للأسف، النظريات سهلة، لكن أرض الواقع فمعبد الصعوبات والعثرات.

- سؤال أخير أستاذة عنان، تناهى إلى سمعنا وجود مفاوضات مع شركة إنتاج فني لتحويل روايتك إلى فيلم سينمائي، ما حقيقة ذلك؟

*نعم، كان هناك مشروع تحويل الرواية إلى سيناريو، ولكن جائحة كورونا كانت حائلًا وعائقًا حيث أوقفت العمل حاليًا على أمل أن تعود لنا الحياة نقيّة.

_كلمة أخيرة تحبّين قولها؟

*أقتبس جملة مريم الأخيرة في الرواية (كلّنا مصابون بالفصام يا عزيزي، وطرق الحياة لا تقود إلاّ لمتاهة)

امتناني لكم وخالص شكري...

حوار بقلم الأديب سليمان نحيلي مع الأديبة عنان محروس

 

 

 

 

الثلاثاء، 12 يناير 2021

نص ولوحة: صَحْوةٌ مُتَأَخِرة/ كتابة: فيصل الكردي، رسم: فيروز يوسف

لوحة: صحوة متأخّرة، لفيروز يوسف

 
صَحْوةٌ مُتَأَخِرة

كمْ أَصبَحَ هذا العالمُ صاخِباً... فَوضى عارِمةٌ... نُصبِحُ ونُمْسي على أخْبارٍ مجنونةٍ كلّ يوم... خوفٌ وهَلَعٌ... حُزْنٌ ويأسٌ... اضطرابٌ وتوتُر... ولكنْ... أتَعلَم يا رفيقي... لا يُحزنني حالُ العالمِ اليوم... لا يُحزنني هذا الهُدوء الّذي خيّمَ على الكوكب... ولا تلكَ الأسواق الخالية... ولا تلكَ الشوارعُ الحزينة الّتي فقدتْ سُكّانها... ولا تلكَ المقاهي الّتي اشتاقَتْ لمُحتسيي قهوتَها... إنّي لأَحزنُ على أيّامِ الماضي... الّتي ما أدْرَكنا بديعَ جمالِها إلّا بَعدَ فواتِ الأوان...

أنظُرُ الآن إلى حالِيَ القديمة... قبلَ هذهِ الأزمة... كمْ كنتُ أتذمّرُ من أيّامٍ تقليديّةٍ... أصبحتُ أراها اليومَ جنّة... أبكي على لحَظاتٍ مضتْ دونَ أن أستغلّها بالطّريقةِ الأمثل… وأَتَساءل… ماذا لَو لَم أُهدر ذلك اليوم دون لقاءِ صديقي؟ ما كُنت لأشتاقَ إليهِ حدَّ الجُنونِ كما أفعَلُ الآن... ماذا لَو أَخبَرْتُ تلكَ الفتاة الّتي أعجَبتني في ذلك اليَوم أنّي أُغْرمتُ بها منَ النّظرَةِ الأولى؟ كُنتُ سَأراني اليومَ أُداعِبُ يدَ مولودِنا الأوّل بكل رقةٍ ونعومة... ناظِراً إلى عَيْنَيها موفياً بوعديَ الأوّل لها " أُحبُكِ من النَظرَة الأولى حتّى أنفاسِيَ الأخيرةِ "... ماذا لو رافقتُ والدي عند زيارَتِهِ لعمّه المُسنّ... الّذي ما كُنت قد قابَلتُهُ من قبل... كنتُ سَأُودّعهُ قبلَ مماتِه الّذي مرَّ مُرورَ الكرامِ دونَ بيت أجر... ولكنْ... ما فائدةُ النَّدَم؟؟ فيومها فَضّلتُ الرّاحة على لقاءِ صَديقي وقلتُ "غَداً أَلقاه"... ويومها مررتُ أمامَ أعيُن تلكَ الفتاةِ وقلتُ "غداً ألقاها"... ويومها تَخلَّيتُ عن رفقةِ والدي وقلتُ "غداً ألقاه"... وإذ بالسّاعةِ تَقِفُ... ولا يأتي ذلك الـ"غداً"...

توَقّفَ الوقْتُ... ومضت الحياةُ... وإلى الآن أرى نَفسي عالقاً هُنا... عندَ التِقاءِ عَقربا السّاعةِ عندَ مُنْتصفِ ليلِ ذلكَ اليَوم... أَدرَكتُ أنّ تلك اللَّحظاتِ الّتي كنّا نجلسُ فيها بين أهلنا هيَ نِعمةٌ لا مثيلَ لها... وأدركتُ أنَّ لقاءَ أحبّتي على رصيفِ طريقٍ قديمٍ هو متعةٌ لا مثيلَ لَها... وأنَّ تَقبيلَ يد أُمّي هوَ امتِنانٌ وليسَ عادة... وجُلوسي في المَنزلِ صَفاءٌ وليسَ فرضٌ... وأنَّ البَوحَ بمشاعِري هوَ حُبٌّ وليسَ ذَنْب... سألقى صديقي عِندَ أوّلِ فُرصة... سأعتَرفُ بِحُبّي عندَ أوّل التِقاءٍ بينَ أعينِنا... سأرى عائِلتي عندَ أوّل مُناسبة... سأعيشُ يَومي دونَ انتظارِ الغد... فأنا لا أُريدُ أن أَنظُرَ إلى تلكَ الفُرص مرّةً أخرى على أنّها... صَحْوةٌ مُتَأَخِّرة.

كتابة: فيصل الكردي

رسم:فيروز يوسف

السبت، 2 يناير 2021

لوحة ونصّ: تماسّ، للشّاعر لطفي الشّابّي، لوحة الفنّانة منى الفرجاني

لوحة تماسّ للفنّانة التشكيليّة: منى الفرجاني/ تونس

تــَـمَــاسّ

 هِـــــي:

لا شيء يُصغي في البياضِ إلى بكاء هواجسي

لا لحن يرقص في سَمائكَ

لا يديك على يديّ  

ولا نوارس في المدى

صفراء أوردتي... صفراء كفّي

جرداءُ مثل حديقة هجرت روابيها السّحائبُ والبُروقُ

وضجّ في دمها القتادْ

صفراء قاحلة رؤايَ

والليلُ أصفر تحت ريشاتي النديّة بالغناء.

 

هــو:

أنا لستُ ظلّكْ

لست المُرجّى من حوار اللّون في صمت البياضِ

لستُ انبعاث الضّوء من غبش الرّماد

إن خاتلتكِ البارقاتُ وغامَ دربُكْ

أنتِ ما سكب الغياب بمقلتيْكْ

وصداكِ يَنجُم من رؤاكِ

ورؤاك تركض في دماكِ...  وتصطفيكْ.

 

هـــي:

هذا دبيبُكَ يا زمانَ الموت في جسدي أراه

لبس الظّلامَ ولفّني

هذا وَجيبُك، كيف أهرب من مَداه

غَلِقٌ مدايَ، ولا هواءَ يدور في فَلَكِ الكلام

والضّوء في شفتي رمادْ.

 

هـــو: 

أنا بوحُك المكتوم، أنتِ خلقتِني

أنت استعرت لِيَ الضّياءَ  

ولبستِ ألوانَ المرايا المزهراتِ

وأعرتِ للأشكال صوتكْ

أنا لستُ ظلّكْ.

 

هــي:        

ناديتُ وجهكَ يا حبيبي فشجّني الصّمتُ الثّقيلُ

وغار صوتي في صداهْ

زرقاء أيّامي من غير نبضك في دمي

والقلب يلهث في المدى

هذي طريقك مِلءَ وجهي

وخُطاي في النّجوى دُخانْ

هذي حدائقك الشهيّة في رؤايَ وفي ظِلال خواطري

لكنّ عينِي لا تراكَ

ولا تسمّي ما أريد وما أرى.

 

 هــو:   

أنتِ الرّحيل وأنت ريحُك والشّراعُ

وأنا المؤمَّل من رحيلكِ

كلّما انطفأت رياحٌ

وُلدتْ بُروقٌ في يديك وتحرّكت أجراسَ فجْركْ  

أنا لستُ ظلّكْ.

 

هـي:  

لِمَ كنتَ تنْجُمُ في رؤاي ولا تحاورني يداكْ

لِمَ كنتَ تضحك من بُكائي

وتُشير بالصّمت الثّقيل على صهيلي

لا الرّوح تسلو ما تكسّر في رؤاها  

ولا تضمّكَ أو تراكْ؟

زرقاء أرضكَ... 

والمدى ماءٌ تحدّر من هديلكَ في يباس أناملي

زرقاء بسمتُك اليراعُ على شفاهي اليابسه

فعلام يكسرني الظّلامُ على يديكَ

ولا ترمّمني يداكْ

حتّامَ أمحو كلّ وجه في صباحي

ولا أرى وجها سواكْ ؟

 

 هــو:   

أنتِ من رسم السّماء وحرّك الأرياحَ فيها  

وأنت من كسَر الجناحَ 

وكسّر الألوانَ تجهدُ كيْ تسرّح في خطاكِ دمَ الصّباحْ

أنا لستُ ظلّكْ  

دَعي المرايا

قُدّي الظّلام وكوني أنتِ بَعدَه

ضوْءا يقُدّكِ من رؤاك

فلا يخونك أو يصُدّكْ!

الشّاعر: لطفي الشّابّي

من ديوان: نصف قمر على ليل الحديقة

مرحبا بكم في مجالس الرّكن النيّر للإبداع

23-4-2020

Flag Counter

أصدقاء مجالس الرّكن النيّر

أبو أمين البجاوي إسماعيل هموني البشير المشرقي البو محفوظ العامريّة سعد الله الفاضل الكثيري أماني المبارك أميرة بن مبارك إيمان بن ابراهيم إيناس أصفري بدوي الجبل بسمة الصحراوي بشر شبيب جمال الدين بن خليفة جميلة القلعي جميلة بلطي عطوي حليمة بوعلاق خالد شوملي خير الدين الشابّي رائد محمد الحواري سعيدة باش طبجي سلوى البحري سليمان نحيلي سنيا مدوري سوف عبيد صابر الهزايمه صالح مورو صباح قدرية (صباح نور الصباح) صبيحة الوشتاتي صفيّة قم بن عبد الجليل عبد الأمير العبادي عبد الحكيم ربيعي عبد العزيز جويدة عبد الفتّاح الغربي عبد الله بن عيسى الموري عبد المجيد يوسف عدنان الغريري عزّ الدين الشّابّي عنان محروس غادة إبراهيم الحسيني فاطمة محمود سعدالله فردوس المذبوح فيروز يوسف فيصل الكردي كفاية عوجان لطفي السنوسي لطفي الشابّي لمياء العلوي لودي شمس الدّين ليلى الرحموني محمد القصاص محمّد الهادي الجزيري محمّد سلام جميعان محمّد صوالحة محمّد مامي محمّد مبروك برهومي محمد مبسوط مختار الماجري مراد الشابّي منى الفرجاني ميساء عوامرية ناصر رمضان ندى حطيط هندة السميراني وهيبة قويّة يوسف حسين