الشاعرة: لمياء العلوي/ تونس |
وما تحت الجبة إلّا أمّي
ياظلّ المرٱة العابر أنفاسي
أتأمّل تفاصيل جسدي الموشّح عَبرات... وقسمات وجهى الساردة لتاريخ
أنثى تطرق أبواب العدم،
أبواب
الذّاكرة...
وتسدّ بإصبعها رمق الغيب... وسيول الطوفان...
تداوي جراح الصّقيع بنار العبور. ..
وهدير الأنغام ...
وتنزوي بركان انكسارات...
لتزرع البسمة داخل كهف الانهزام وتبذر دمعة
من فوهة الأحلام...
تهزّها الذّكريات هناك... هناك...
تستباح التباريح...
مع خبب الساعة... ودقّات سنابك الخيول هي تفكّ
طلاسم أحجيتها...
تفك جدائل... جذورها حيث كانت تتوسّد ظل الوجود
تتوسّد
ريح أنثى غريبة المنشأ
تتوسّد... فخذ أمّ حانية تهتزّ مع اهتزاز الخلالة لتنسج عباءة من صوف الزمان لأب يرتديها ويتسيّد انفلات
المكان...
تلك الخلالة تهتزّ... وفي داخل المرٱة تولد الأنغام... وتلك الأغنية ترتدّ... وفي داخلي تولد الأوهام وأنا أسمعها،
أصطلي بلملمة جمر الفقدان
...
من جديد... تترصّدني من جديد ...
يتردّد صداها من بعيد... فيَّ، ومِّني...
كانت تسكنني... داخلي تنصهر وتتحلّل
وفي وريدي نبوءة انقسام
ذكرى صوتها... آه يلجمني التحنان سجينته صرت ...
آه يازمان عد لأقاسمك الفرح مللت الأنين...
فوق تضاريس صدرك المزروع صبّارا...
أعدني إليها لأتوسّد فخذها أتلمّس وشمها ويأتيني ريح
(سخابها)... بعود القرنفل ومسك الحجّ
شميمها،
مسلك العبور الأخير نحو النهاية يتأبّطني...
وتزمجر اللّحظة معلنة العبور ويبقى
ذاك المساء ينتظرني...
وصدى الكلمة يلاحقني ...
وتلك الغيمة تبطرني
وهاته
الأغنية تتلحفني ثمّ تطلقني
وذاك المنسج يلجم نبضي يردم حلمي ...
وبُرْنُسُ أبي يظلّلني...
وما وما تحت الجبّة إلّا أمّي...
"ياعيني نوحي وياخلاله رِنّي خلاله رنّي
البلاد بعيده والوحش قتلني ياعيني نوحي وياخلاله
رنّي
يامّا ضربوني والضربه جاتني عراسي...
ياعيني نوحي ياخلاله رنّي..."
ويختفي ذاك الصوت
هامسا بالوداع عبر غياهب
الماضي
جاءني صداه من بعيد...
فاستجديته المكوث
ألَا امكث... داخلي كي أنتزع قواميس الجنون
وأشلاء الذّكريات... وأعيدها نقشا على معصمي...
ألَا امكث كي أؤثّث متاهتي عبر كلّ الانزياحات
وأخلد بين جنبي علّي أجد نفسي...
أجد همسها ذات مقربة
وتنجلي الأهازيج تاركة ظلّ غيمة لا تهجرني...
ومرثيّات لزمان كنتِ فيه يا أمّي عطره السابح
وظلّ نبوءته بين جنبيّ...
ومكان كنتَ سيّده يا أبي ... ترصف كلّ مبادئي... كنبيّ جاءه الوحي
لمياء العلوي/ تونس