الشاعر: بشر شبيب/ سوريا |
أمانٍ كثيرة
سأحلمُ في كلّ يومٍ وعامٍ وقرنٍ وساعة
وفي كلّ حبٍّ وحربٍ وكفرٍ وطاعة
بأنّي كوردِ الرياحينِ أهفو مع الريحِ دوماً إليكِ
سأحلمُ أنّي أشيلُ غبارَ القرونِ الثقيلةِ عن ناهديكِ
وألثمُ ألثمُ من عسلِ العشقِ فوق يديكِ
سأحلمُ بالحبِّ حين يكونُ متاحاً
لموتِ الحبيبِ... العشيقِ... الغريقِ على شفتيكِ.
سأبني قصوراً على شطِّ نهرِ الفراتِ الحكيمِ
وسوفَ أغارُ على قاسيون ،
وحارتنا في دمشقَ القديمة ،
وأزرعُ ما بين روضٍ وروضٍ رياضاً نديّة
لأجل الغرامِ وشعبي العظيمِ
وأمشي وكفّي بكفّكِ مثل الأساطيرِ بين الرعيّة
وحينُ نمرُّ سيسقطُ وردٌ، وتينٌ، ومانجو
كما في الحكايةِ فوق يديّا
وسوف أنادي كبيرَ الطهاةِ
وعطّارَ قصري وأهلَ الحميّة
فلا تعجبي إذا ما شممتِ هواءًا نقيَّا
إذا ما رأيتِ ألوفَ العصافيرِ
تأتي تنامُ على مِعصَميَّا
ولا تسأليني
لماذا...
وكيفَ. ..
وأينَ...
وماذا لديّا ؟؟!
فإنَّ القصيدةَ تجعلُ من كلّ أسطورةٍ واقعاً
وتخلقُ في هذهِ الأرضِ فسحةَ عيشٍ كريمِ ،
وفرصةَ موتٍ كريمِ ،
وشعباً أَبيَّا.
تعالي أحبّكِ يومينِ قبل ارتفاعِ الأماني
وخلّيني أبحرُ في بحرِ عينيكِ
ستّين عاماً بخمسِ ثواني
أنا من غرامٍ خُلقتُ ومن ياسمين
ومن ماءِ زهرِ الأغاني عُجنتُ ومن مندولين
تعالي وأَلقي يدي في يدَيكِ إلى غيرِ حين
تعالي لنلغي حدودَ الزمانِ ونلغي حدودَ المكانِ
ونجري طليقينِ في الأرضِ
نحو الحقيقةِ مثل الحصانِ
تعالي أحبّكِ يومينِ... عامين... قرنين
لماذا نحدّدُ وقتاً ؟!
لماذا نخافُ سياطَ الزمانِ؟!
ومثلنا في الضّوءِ يمشي
وفي ورقِ الوردِ يمشي
وفي قصصِ العاشقين
وفوق خيوطِ الأغاني.
سننمو على سورِ بيتٍ دمشقي
قصّةَ حبٍّ وبستانَ شِعر
وننبعُ من كلّ خطوٍ خطوناهُ
قصائدَ من عملِ الذكريات
ونعبرُ في العامِ مليونَ عصر
ونسألُ عن زمنٍ كنّا فيهِ كما الأغنيات
سندخلُ ديوانَ هارونَ وآلِ الرشيد
سنعقدُ صلحاً بين الأميرِ وبين الشهيد
وننقذُ مليونَ جيلٍ بريءٍ ،
ونخرجُ من زمنِ الثأرِ والترّهات.
سنعبرُ أمواجَ هذا المحيطِ الكبير
على زورقٍ من دماءِ الحرير
سنحكي لكلّ الشعوبِ الّتي تتشظّى
وتُركبُ بالخوفِ والقمعِ مثل البعير
بأنَّ القصائدَ لا تُستجارُ ولا تستجير
وأنَّ الأماني بدونِ قرارٍ ،
بساطٌ عتيقٌ ولا تسوى قرش ،
وأنَّ العصافيرَ تخرجُ عن صمتها بالصفير
وأن الغرامَ الّذي نحكي عنهُ
بكلّ كتابٍ وديوانِ شعر
وتلك الدموعُ التي تنمو ورداً
على كلّ جرحٍ وفي كلّ قبر
بدايةُ تغييرِ هذا المصير.
سأحملكِ مثلما يحملُ الشعرُ قلبي
ومثلَ البيادرِ في أرضِ شعبي
تعالي أحبّكِ... أمامَ الجميع
وأتلو على الشّمسِ آياتِ حبّي
كأنّي الرسولُ الأخيرُ وأنتِ الرسالة
كأنّي نهايةُ هذا النّشيدِ وأنتِ البداية
فكم فتّحَ الياسمينُ ،
حين مررتِ بألفِ
احتمالٍ على جرحِ روحي
وكم أورقَ النورُ في عتْمِ دربي
فخلّيكِ مثل الحمامِ الدمشقي
ومثل الفَراشِ الصغيرِ بداخلِ قلبي
وخلّيكِ جنبي.
بشر شبيب/ سوريا