‏إظهار الرسائل ذات التسميات عبد المجيد يوسف. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات عبد المجيد يوسف. إظهار كافة الرسائل

السبت، 11 يونيو 2022

رواية اللّواجيست لعبد المجيد يوسف النّاقد يقرأ ذاته/ عبد المجيد يوسف/ تونس

 

رواية اللّواجيست لعبد المجيد يوسف

النّاقد يقرأ ذاته

يمكن القول إنّ رواية اللّواجيست الّتي صدرت عن دار الوطن العربي للنشر والتوزيع بالمنستير سنة 2022 رواية تجريبيّة على أكثر من مستوى:

من جهة الزمن : عادة يمتدّ زمن الحكاية في النصّ الروائي على فترات طويلة يختزل الراوي بعضها ويقفز على بعضها ويضمّ بعضها إلى بعض كما يفصّل بعضها تفصيلا. أمّا رواية اللّواجيست فديمومة الحكاية فيها 24 ساعة لا غير.

الزمن الممتدّ يقتضي بنية درامية متشابكة ومتعدّدة الأوجه بعضها حاضر وبعضها مستحضر... أمّا رواية اللّواجيست فلا بنية درامية فيها، بل إنّ ما يقع فيها من الأحداث مسطّح لا أهمّية له مثل انفلاق عجلة وسيطرة السّائق على السيارة... وربط حزام الأمان أو عواء ذئب في الصّحراء وظهور نجمة الراعي...

الرواية تقتضي شبكة معقدة من العلاقات بين الشخصيات كما يقتضي تحليلا لهذه الشخصيات من الناحية السيكولوجية والعملية... أما شخصيات "اللواجيست " فلا أسماء لهم ولا ذاكرة (ماعدا واحدة) ولا يعرف بعضهم بعضا.

المكان في اللواجيست مكانان، مكان متسع هو الطريق من العاصمة تونس إلى تطاوين وآخر ضيق هو سيارة الأجرة بحيث يقع التفاعل الوثيق بين الداخل والخارج... وهذا "الخارج" هو في ذات الوقت متحرك وثابت (تقدم السيارة وتوقفها) وللحركة والثبوت دور في توجيه أحداث الرواية.

من حيث التيار العام للكتابة في رواية اللواجيست يسهل على القارئ الربط بينها وبين تيار الواقعية السّحرية لكتاب أمريكا اللاتينية حيث تلعب الصحراء وخارطة السماء عند الغروب وعند الفجر وحركة النجوم دورا مهما في تحديد مسار بعض الشخصيات.

كما يمكن ربطها بتيار الرواية الجديدة في بعض جزئياتها من حيث تغييب مفهوم البطل او تعدد البطولة في النص الواحد كما تلتقي بها من جهة استيعاب المرئيات والأشياء ووصفها وذكر استعمالها. وتخالفها من جهة التغييب القصدي للتحليل النفسي والاستبطان والاكتفاء في السرد بذكر ما يُرى وما يُسمع ولا شيء غير ذلك.

من حيث محدودية الزّمن وتسطيح الأحداث يمكن ربطها بروايات جيمس جويس "عوليس" و"الأموات"...

وهكذا فإن "اللواجيست" تدخل في شبكة واسعة من التقاطعات النصية بأمكنة وأزمنة مختلفة، بروايات متعددة وبالنص التاريخي والنص السياسي والنص الأسطوري أيضا.

عبد المجيد يوسف/ تونس

الاثنين، 6 يونيو 2022

من مظاهر التناصّ الذاتي في مدوّنة محمود المسعدي، عبد المجيد يوسف/ تونس

 

من مظاهر التناصّ الذاتي في مدوّنة محمود المسعدي


إنّنا لا نضيف أمرا بكرا حين نزعم أنّ هناك علاقةَ قرابة بين نصوص محمود المسعدي جميعها، فهي إمّا ترتبط بعضها ببعض بعلاقة توالد وانتشار وإمّا تتناول جوانب محدّدة من مفهوم عامّ تتضافر فيما بينها على إخراجه على صورة من الاكتمال، ممّا يؤسّس نسقا أو بناءً أو صرحا، كلّ أثر من مدوّنة المؤلّف يمثّل مرحلة منه. وسوف نهتمّ في هذه المقال بنصّين للمسعدي هما المسافر ورواية السّد، ذلك إنّ القراءة العابرة للأثرين كفيلة برصد هذا التّقاطع، لكنّ ذلك لن يمنعنا من الإشارة إلى آثار أخرى من مدوّنته عند الاقتضاء، وسنهتم بمظاهر هذا العلاقة كيف أجراها المؤلف سعيا إلى استكهناه بعض آليات الكتابة لديه.

من النّاحية التّاريخية، وضع نصّ المسافر بالفرنسية أوّلا ونُشر بمجلة "التفاهم "روح الشرق" بفيشي بفرنسا في غرة أكتوبر سنة 1942. ثم أعاد المؤلف وضعه بالعربيّة ونشره بمجلة النّدوة سنة 1954 أمّا السّدّ فقد نشرت لأوّل مرة سنة 1955 وكانت قد وضعت بين سنتي 1939 وسنة 1940 وهذا الاختلاف في الزمن يمثل في الظاهر وضعا مناسبا لنشوء علاقة ما بين النّصّين، لكنّه لن يكون حاسما أو معتمَدا بشكل أساسيّ في الجزم بوجود هذه العلاقة، وربّما كان خاليا من التأثير في هذا الأمر.

مظاهر التعالق بين المسافر والسد:

بقطع النظر عن الحيثيّة التاريخيّة الّتي قد تضع أمامنا إشكالا تحليليّا وتبطل افتراضات مريحة للإقامة وشائج القرابة بين النصّين مما سيأتي بيانه، فإنّ القراءة تثبت هذه الصّلات حيث نستقصي تعالقا بين العناصر التالية:

1/ تعالق عناصر القصّ:

يترابط النّصّان في مجال القصّ بواسطة استبدال متشابه العناصر بل متطابقها. فمسرح الحكاية في المسافر "جبل جلاميد من الصّخر كقطع العذاب يتراكم ثمّ يقوم فيها فجأة كالجدار جنبَ الجبل عاريا كجنبٍ مقروح"... وفي السّدّ "هو منحدر جبل أخشب حزيز نباته كالإبر وأرضه ظمأى وغباره كثير". ومؤدّى هذا الاستبدال صورة تتّفق في النّصّين على طبيعة أرض وحشيّة لا أثر للحضارة فيها، بل هي غير مسخّرة للوجود الإنساني... هذا الرّسم لمسرح الأحداث يمثل مجالا لتعالق الاشتغال التّدلالي في النّصّين كما سيأتي بيانه.

والقوس المشيدُ في قرية مكثر(المسافر) هو عمارة السّدّ. ونشير إلى رمزيّة القوس حيث يكتسي في الميثولوجيا والحضارات القديمة قيمة رمزية سواء أكان معدّا لإطلاق السهام (الإلهة ارتميس أو ديانا، الإلهة الصّيادة) أو كان قوس قزح حيث يتحلل طيف الضوء رامزا إلى تمثل آلهة السّماء وظهورها الطيفيّ للبشر. وفي الديانة البراهمانية يظهر براهما باني الكون بأربعة أذرع يحمل في إحداها قوسا، وفي القرآن طلب فرعون أن يُنفخ له في الطين ليبنى له قوسا (صرحا) لعلّه يطلع إلى إله موسى. (القصص 38) وعلى العموم فإن القوس أيّا كان توظيفه الأرضيّ يحمل صفة مشتركة هي الانحناء المختزلة لقبّة الكون وشكل السماوات وهو معراج إليها... ممّا هو مقصود في نصّيْ المسافر والسّدّ.
من القوس تراءى للمسافر عروج إلى السّماء. بيد أنّ التّناصّ الذّاتي لا يعني أن يتكرّر النّصّ أو بعض أدواته على ذات الهيأة وبذات الأبعاد والمقاييس وبذات التّوظيف. فإن كان القوس معراجا للسّماء في المسافر لأنّه رمز الشّرق فإنّ عمارة السّدّ هي فعل الإنسان في الطّبيعة ورمز نباته منها وتجذّره فيها وهو ما جسّمه مآل العمارتين في النّصين ينتهيان نهاية متناقضة. فالعمارة في السّدّ إلى الانهيار والقوسُ في المسافر إلى العروج والتّرامي إلى أبعاد الفضاء. والمهمّ في الأمر هو علاقة الشّخص بالبناء، فإن كان المسافر قد وجد قوسا بناه الرّومان وتركوه إذ رحلوا زمانا ومكانا فإنّ قوس غيلان مشروع منظور... واختلف التوظيف أيضا، فحيث كان قوس المسافر معراجا إلى السّماء وإن وهْمًا فإنّ قوس غيلان نــُدب إلى إمساك الماء، وبذلك تتعارض الوظيفتان ويتحقّق انزياح المُتناص عن مُناصّه في إطار حركة الكتابة تردّدا بين النّشأة الأولى وانبعاثه في إهاب جديد.

ومن عناصر القص المتكررةِ العينُ... لا يكاد المعجم يختلف هنا وهناك، فهي في المسافر: "... جانب الجبل... تنشج في أسفله عين ماء باكية تسيل إلى الصّخر فتأكل من أصل الجبل ثم تقع إلى الغور تحته فتتشتت وتضيع...  وهي في السدّ "عين بديعة تنفجر عن جنب الجبل... تركوها منذ آلاف السنين تذهب فتغور مياهها وحياتها في الهاوية بمنقطع الوادي"

إنّ التصوير المشهدي المتطابقَ المستعملَ لمعجم متجانس لمؤكدٌ على صلة القرابة بين النّصّين وجاعلٌ أحدَهما أصلا والآخر تنويعا عليه، وتنضاف هذه الجزئية إلى غيرها لتؤكّد على فكرة النّصّ الجامع، ليس بالمعنى الذي أراده جينيت ولكن بمعنى مخصوص أردناه له وهو وجود موادّ قصصيّة محدودة العدد تتشكل بها أبنية مختلفة... مواد صالحة لإعادة الاستعمال في خدمة مفهوم موحّد هو فلسفة الكاتب حول منزلة الإنسان في الكون والتقاء بالفلسفات وبالنّصوص الدّينية التي تجعل من الماء أصل الحياة. والجهدُ الإنسانيّ الباني للحضارة إنّما يتمركز حول الماء. ويتجلّى عنصر العين الجارية أيضا في مولد النسيان ولكن بصفة أخرى وفي إهاب غير الذي كانت عليه في المسافر وفي السّدّ: إنّها عين سلهوى، عليها قيّمٌ هو رنجهاد، قد اتخذتْ لها إسما وجعل لها المؤلف توظيفا هو مغالبة الموت وإحياء الموتى. في حين كانت العين نكرة تغور باطلا في الوهد في النّصّين السّابقين. وحركة الماء كانت هناك نزولا وتشتّتا بمنقطع الوادي أمّا عين سلهوى فإنّ ماءها يعرج بخارا لا تردّه عن وجهته ريحٌ... (يتبع) 

ورقة أدبيّة من إعداد الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

Bas du formulaire

الجمعة، 18 فبراير 2022

نشأة قصيدة النّثر في تونس، ورقة أدبيّة يصدرها الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس



نشأة قصيدة النّثر في تونس، ورقة أدبيّة يصدرها الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

... كان لهؤلاء الطلبة ذوي التّوجّه اليساريّ المنتمين إلى الجامعة مفهومهم المخصوص للكتابة الشّعريّة ولمفهوم القصيد، بل قل مفاهيمهم المخصوصة المستوحاة من نبض الحياة فاعتُبر الشّعر "مسيرة احتجاج مطالبة بالحرّية". وفي خصوص الأشكال اعتبروا كتابتهم نماطا "في غير العمودي والحرّ" وهو تعريف واصفٌ لمظهر خارجيّ وتصنيفٌ أجناسيّ أكثر منه متعلّقا بالمفهوم المجرّد، فضلا عن الاضطراب في صياغة المصطلح، كلّ هذا في ظلّ مراجعة للسّابق ومحاولة لتجاوزه، فقالوا بأنّ "الشّعر العربيّ في قوالبه الموسيقيّة والتّعبيريّة قد أدّى دوره واستنفد طاقته وانتهى" أمّا الشّعر الحرّ" فهو تجديد منقوص لأنّ المحافظة على التّفعيلة هي ارتباط لا مناص منه بسجن الأوزان" (الطاهر الهمامي حركة الطليعة الأدبية ص ص 134- 138 دار سَحَر وكلية الآداب بمنوبة تونس بدون تاريخ)...

وبما أنّ كلّ طليعيّ سيصبح يوما ما كلاسيكيّا بمرور الزّمن فقد تراجع هؤلاء الطّلبة الثّوريّون عن قناعاتهم حين أصبحوا أكاديميّين وتضاءل أثر الأدب الطّليعيّ وعزفت الصّحفُ والمجلّات عن نشره وأزمة النّشر للكتب قائمة متمكّنة لندرة دور النّشر آنئذ، فانكفأ أصحابه وانفضّوا ولم يبق إلاّ يعسوبهم المرحوم الدّكتور طاهر الهمّامي يناضل فردا. وحاول أن يجد شيئا يجدّد به المسار فابتدع ما أسماه بالمنحى الواقعيّ في الأدب خلال انعقاد المؤتمر الأول للشّعر التونسيّ بالحمامات صائفة 1981...

في تلك الظّروف أيْ في منتصف السّبعينات بدأت قصيدة النّثر التونسية بالظّهور نتيجة للمراجعات العديدة في المستويين الإيديولوجيّ والجماليّ.

ففي المستوى الإيديولوجيّ لطّفت حرب 1973 ما تركته الحرب السّابقة من شعور بالخذلان وتغيّرت النّبرة القاتمة وتقاوى تيّار القوميّة العربيّة في طائفة من الشّعراء منهم د. حسين العوري...

وفي المستوى الجماليّ تبلورت ذائقة تستمد قناعاتها الفكريّة من غير المحليّ أو القوميّ. فإلى جانب الاستمرار في التّيّار المحافظ على نظام القصيد الحرّ بحكم وجود البيّاتي والسّيّاب ونازك الملائكة وعيرهم من أصحاب القصيد الحرّ في المقرّر الجامعيّ لطلبة الأستاذيّة (الباكلوريوس) في اللغة العربيّة فإنّه وُجد تيّار يكتب خارج هذه المنظومة الفكريّة القومية ويتوجّه بكتابته منزعا إنسانيّا، إنّه قصيد النّثر التي بدأت تتسرّب من أقلام الشّعراء في منتصف السّبعينات في معزل عن المؤثرات الشّرقية التي يُزعم أنّها كانت ذات أثر في نظيرتها التّونسيّة في مجال النّشأة على الأقلّ... فنحن نرى أنّ قصيدة النّثر التّونسية نشأت بمؤثرات محلّية صِرْف. فظهرت جماعة من المؤسّسين لم يجمعهم تنظيم ولم تربط بينهم آصرة، فكان كلّ منهم يكتب بمعزل، لكنّهم كانوا ولا شكّ يقرأ بعضهم بعضا... أذكر منهم على سبيل التّمثيل محمد أحمد القابسي الذي أصدر أعماله الكاملة فيما بعد بمصر وظهر مجموع "البحر في كأس" (1978) نمطا غير مألوف في الكتابة الشّعريّة التّونسيّة وتلاه "كتاب العناصر" ليؤكّد منحاه هذا إلى جانب جهوده التّنظيريّة التي كان ينثرها في الصّحافة الأدبيّة.

ومن المؤسّسين أيضا الشّاعر سوف عبيد الذي كان ينشر قصائده في الصّحافة الأدبيّة منذ منتصف السبّعينات ونشر مجموعه الأول "الأرض عطشى" سنة 1980 ويتميّز شعره بميزة غير ما اتّصف به شعر القابسي... فإذا كان القابسي ينزّل مسألة الغموض في إطار من أونطولوجية الشّاعر نفسه باعتباره "تركيبة معرفية ونفسيّة معقّدة" تتوجّه إلى قارئ يعوّل على التّأويل وعلى وسائله المعرفيّة الخاصّة ليصل إلى كُنه السّؤال الجماليّ المحمول على القصيد فإنّ سوف عبيد نظر إلى المسألة من زاوية أنّ القصيد النّثري الخالي من التّعقيد المتّسم بالسّلاسة البنيويّة القريب الرّمز هو الأرضيّة المعرفيّة التي تلتقي عليها ذات الشّاعر بغيرها من الذّوات وكلّ القرّاء أيّا كانت مشاربهم مدعوون إلى الحفل المعرفيّ، كلّ على قدر نصيبه في المعرفة..

ورقة أدبيّة يصدرها الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

 


الاثنين، 14 فبراير 2022

قصيدة النّثر الجديدة، تحوّل حركة اللوغوس (من العالم إلى الذات)

قصيدة النّثر الجديدة: 

تحوّل حركة اللوغوس (من العالم إلى الذات)

ورقة أدبيّة يصدرها الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

ذكرنا زحزحة السّيطرة المطلقة للوغوس بفعل المراجعة الدّائبة للمفاهيم وبسبب أنّ العقل يسعى إلى إثبات حقائق يقينية لا تلبث أن يُطعن في وثوقيتها (أشير هنا على مختلف العلوم)...

فممّا وقعت مراجعته هو النظرة التّأمّليّة المجرّدة للوجود الإنساني وإحلال النّظرة الظاهراتية محلّها... يعني أنّ الإنسان لم يعد ماهية ماقبليّة تحقّق وجودها في العالم من خلال التّأمل والتّفكير، ولكنّه كائنٌ مفرغ من الماهية المُسبَقة، موجود في زمان ومكان في العالم، يختبره ويبني ماهيته فيه بناء على التجريب والممارسة... هذا المفهوم هو ما عُبّر عنه هيدوغير بالدّازاين في كتابه الشهير "الوجود والزمان ". وترجمه عبد الرحمن بدوي " بـ "الآنية وبـ "الوجود في العالم".

ببساطة، نلاحظ أن الكائن يوجد في العالم دون اشتراط التّفكير وهو مطالب حينئذ ببناء ماهيته فيه عن طريق اختباره وتأمّل تجاربه في محيطه، وهذا معنى النظرة الظاهراتية للوجود والتي ستنعكس في الشعر عن طريق تحويل محتواه من جهد نظري وانفعالي وجداني إلى جهد وصفي وحكائي... فحركة الفكر تتّجه إذن من العالم إلى الذات عكس ما كان عليه الكوجيتو الديكارتي... ولننظر تجليات هذا في قصيدة النثر ما بعد الحديثة التي جاءت تالية لما كتبه المؤسّسون ومن سار على خطاهم.
وفي يلي نموذج من هذه النصوص التي اتخذت من استكناه العالم موضوعا لها وهو للشاعرة أفراح الجبالي ...
كـنتُ خارجة مِن مَتجر البِـقـالة

تَـشبـث برجْـليّ

كِـدتُ أركُله.

وفكرتُ في القِدر على المـوْقد

والغسـَّـالة التي تـدُور

فكرتُ في الأطفـال وموْعد الحصة الصبـاحية

ويَـد شرطي المرور على النـاصيَـة

الغيُـوم التي تَـحدّثـوا عنهـا بَـعد نشـرة الثـامِنة وأنا أعِـدّ المـائدة

الجـوارب المـتسِّـخة التي لـمْ ألتقِـطها بعد. وفكرتُ في حـبْل الغسِيـل

هل وضعه البـائع في الكِيـس أيضا؟

فكرتُ في السيـارة التي حـان موْعد فحصِهـا

والفـارنْـدا التي تـدُور فيـها وُريْـقات الشجر اليـابسة

وكرسـيّ مكتبي، الذي في آخر المَمر. مثل كل يـوم. على مر السنِيـن

لمْ يَـنبح.

لمْ يَـعضّـني.

مُـؤلِـم أن أنظر في عيْـنيْـه

يـدُور ووَبَـرُه النـاعم لصِيــق بـلَحمي

وَضع قــائمتَيْـه الصغِيــرتيْن على فَـخذي

ثم بَـسط ذراعيْـه بالتراب.

حِيـن نظرتُ فـي عيْـنيْـه… رأيـتُ مـا يَـعنِيـه

ومـا سـيَظل يَـعنِيـه

أن يُلْمس...

في هذا النص المنتمي إلى الموجة الجديدة تبدو السردية هي المكون الأساسي للخطاب الشّعري بعيدا عن المجاز والرمز المبهم مفارقا لذلك الغموض الذي لازم قصيدة النثر في بداياتها حتى صار داخلا في حدها. (الناقد السعودي عبد الرحمن محمد القعود ألف كتابا عنوانه الإبهام في شعر الحداثة فصّل فيه مظاهر الإبهام بغياب الدلالة أو تشتّتها والإبهام في العلاقات اللّغوية...) فصار للنصّ في هذه الموجة الجديدة دلالة منسجمة وأضحت البنى اللغويّة كذلك. ويروي النصّ قصّة بلا عقدة ولا تطور درامي ولا صراع. والأهم من كل هذا أن حركة العقل هنا آتية من العالم باتجاه الذات فتكوّن لهذه الذات وعي بالعالم فوصفته وسردت مكوناته ونشأت بينها وبينه علاقات هي قوام وجودها فيه.

لقد تحدثنا ونحن نشرح آنية هيدوغير (الدازاين الذي أصبح بديلا عن الكوجيتو) البعدين المحايثين للكائن في الموجد وهما الزمان والمكان وعليهما قام مؤلف هيدوغير فالكائن موجود هنا والآن. وانطلاقا من هذين العنصرين (الزمان والمكان) والوعي الواضح بهما في النص نحت الكينونة في زمان ومكان محددين وجزئين تجسيدا للبعد الأمبريقي، ف"دكان البقالة والقدر على الموقد والغسالة والأطفال وشرطي المرور والغيوم والجوارب المتّسخة والسيارة والفيرندا وكرسي المكتب المتروك" تتضافر كلها مع عناصر الزمان (موعد الحصة الصباحية نشرة الثامنة موعد فحص السيارة...) لتنحت نظام يوم للكائن في موجده وقد اعترضه ما يمكن أن يربك هذا النظام.

ونشير إلى أن كلمة "فكّرت" لا تعني شيئا من التأمّل المحقّق للوجود كما هو الشأن في إطار الكوجيتو ولكنه عمل الذاكرة في استحضار مستلزمات الموجد وربط الصلة بينها وبين الزمن الذي ينبغي أن تكون فيه

ورقة أدبيّة يصدرها الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

 

الجمعة، 11 فبراير 2022

قصيدة النّثر وحركة الكوجيتو، ورقة أدبيّة يصدرها الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

 
قصيدة النّثر وحركة الكوجيتو، ورقة أدبيّة يصدرها الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

هيمن الفكر على الحياة في أوروبا حتى قبل القرن العشرين (منذ القرن الثامن عشر) وصارت حتى الرّياضيات والفيزياء في حالتهما التّجريديّة مرفوضتين باعتبارهما عِلما ماقبليّا (أشير هنا إلى حلقة فيينا صاحبة الوضعيّة الجديدة في بداية القرن العشرين).

حيويّة الفكر الغربي حينئذ جعلته يراجع مفاهيمه بصفة منتظمة. فبعد مراجعة الميتافيزيا ورفض مقولاتها واعتبارها لا تعني شيئا يطاله المنطق لأنّها متكوّنة من عناصر غير حسّية صارت العقلانيّة المُفرطة هي الأخرى موضوع مراجعة من طرف نيتشه أوّلا ثمّ من طرف فلاسفة ما بعد الحداثة لوثوقيتها بالعقل الإنسانيّ وسعيها إلى تحصيل حقيقة ثابتة.

حركة الفكر في ظلّ هيمنة اللوغوس:

 -من الذّات إلى العالم:

هيمنة العقل على ذات الإنسان ومركزية هذه الذّات تتجلى بوضوح في الكوجيتو الدّيكارتي "أنا أفكر إذن أنا موجود" فالتّمظهر الأوّل للوجود هو حركة العقل بالتّفكير... أنا أفكر متأمّلا ذاتي وكاشفا لإمكاناتها لأكتشف أنّي موجود في العالم... فحركة اللوقوس متّجهة من الذّات إلى العالم والخطاب الشّعريّ الذي نحن بصدده معبّر بوضوح عن هذه الحركة.

انظر مثلا هذا المقطع الصّغير من "التّراب الذي فوقه سماء" للشّاعر التّونسي شمس الدّين العوني:

ما علّتك الفادحة؟

أراك الآن تخرج من عينيك لترى اللّاشيء...

ما علتّك الفادحة إذن؟

سوادٌ يحرسه سواد

والفراغ أثاثه فراغ.

فحركة الفكر جليّة، منطلقة من الذّات المتمثّلة معجميّا في ضمير الخطاب (ويمكن أن يكون للتّكلم أو الغياب لا فرق)، وفكريّا في الاستفهام عن العلّة... ممّا هو داخل في صلب العمل التّأمّليّ spéculation/ ، والعلّة لها في المعاجم معنيان: المرض، وحتى هذا المعنى يُعيده التّهانوي إلى المعنى الذي سنذكره عن حكماء الإغريق، والثّاني عّلة الشّيء أيْ ما يتوقّف عليه وجوده ويكون خارجا عنه ومؤثّرا فيه.

ووظيفة العقل في الشّاهد هي الكشف عن الوجود واستكناهه وفهمه، وهو الوظيفة الأساسيّة للفلسفة في مداها الكلاسيكي: إدراك وضعيّة الإنسان في الكون...

بيد أنّ المنحى الشّعريّ للخطاب يحمّله بالطّابع المأساويّ كما هو الشّأن في بدايات عمل التّفلسف حيث كانت التّراجيديا هي الفعل النّبيل للعقل في مجابهة القوى الغيبيّة وحيث يجانِبُ الشّعرُ الفلسفة دون الانفصال عنها... فتصاب حركة العقل بالعَمَهِ Cécité ولا تصيب الإدراكَ المنشود وهو ما يولّد النفَس المأساويّ.

والمجال لا يسمح لنا باستعراض مزيد من الشّواهد وتحليلها. وما أردناه هو بيان نموذج من قصيدة النّثر المنتسبة في أبعادها الأونطولوجية إلى نموذج التّفكير الدّيكارتي: الانطلاق من الذّات العاقلة المتمركزة حول اللوغوس باتّجاه العالم لاستكشافه وإقرار وجودها فيه وتحديد كيفية هذا الوجود وصنعه. هذا النّمط من الكتابة أدعوه "قصيدة النّثر الكلاسيكيّة" رغم أنّها تاريخيّا تأتي في سياق تيّار الحداثة.

(في الورقة القادمة: تحوّل حركة اللوقوس من العالم إلى الذّات).

ورقة من إعداد الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

الاثنين، 24 يناير 2022

إضاءات لغويّة ينيرها: عبد المجيد يوسف/ تونس لام الجحود

إضاءات لغويّة

ينيرها: عبد المجيد يوسف/ تونس

لام الجحود

 لام الجحود من النّواصب الّتي تُهمل في المقرّرات المدرسيّة عندنا حسب علمي، ربّما لما أثارت من خلاف بين النّحاة حول طبيعتها وعملها وربّما لطبيعة التركيب التي تحدثه والمعاني المعقّدة التي تدخلها في تأويل الكلام أو لسبب آخر. وفي ما مضىمن زمن المدرسة التونسية كانت تُدرّس بناء على مذهب البصريّين فيها.

التسمية:

يوافق ابن هشام في المُغني مواطنه المصري بهاء الدّين بن النّحّاس (توفي 698هـ) وينقل عنه تسميتها بلام النّفي ويرفض تسميتها بلام الجحود لأنّ الجَحد عنده غير النّفي، ولأنّ الجَحد في اللغة هو مطلق الإنكار... لكنّ المستقرّ عند النّحاة أنّها لام الجحود. ولم يهتمّ بها بعضهم، ولم يعدّها الزّمخشري في مفصّله ضمن أصناف اللّامات العاملة في الإعراب وغير العاملة، وهي ثمان: لام التعريف ولام جواب القسم والمواطئة للقسَم ولام جواب لو ولولا ولام الأمر ولام الابتداء واللام الفارقة من صنف"إنْ كل نفس لما عليها حافظ" ولام الجرّ. ولم يتدارك عيه في ذلك ابن يعيش في شرحه للمفصّل.

موقعها :

قال ابن هشام في المغني: "هي الدّاخلة في اللفظ على الفعل مسبوقة ب "ما كان " أو "لم يكن" ناقصتين مسندتين لما أُسند إليه الفعل المقرون باللام نحو "وما كان الله ليطلعكم على الغيب" (انتهى النقل عنه)

هاهنا يلتفت ابن هشام إلى طبيعة التّركيب النّاجم عن دخول لام الجحود عن طريق الفحص لِلَوازم اللام وما تقتضيه وعن طريق النّظر في العلاقات الإسنادية ويستنتج من كلامه:

المقتضيات:

*دّخول لام الجحود على الأفعال دون الأسماء في إطار صدر الجملة الإسمية دون غيرها (الخبر) ولا يجوز تأخيرها.

* فإذا كان الخبر مشتقّا إسميا اختفت كما في الآية﴿ ...َومَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُم وَهُم يَستَغفِرُونَ﴾

 فوظيفتها في الأسلوب افتتاح الكلام بالنّفي المطلق... وكونها متعلّقة بفعل ناقص هو الذي جعلها جائزًا دخولُها على بنية الجملة الإسمية.

* هذا الفعل المتعلق بها مخصوصٌ هو "كان" النّاقصة دون غيرها من أخوات كان، في زمنين: الماضي والمضارع:

﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم وَأَنتَ فِيهِم ﴾ [الأنفال: 33]

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا﴾ (النساء:168)

*يورد ابن هشام بيتا من الشّعر يحتوي على حذف "ما كان" لكن معنى الجحود ظل قائما:

فما جَمْعٌ ليغلب جَمع قومي***مقاومةً ولا فردٌ لِفرد.

فالواضح أن معنى النفي يضلع به الحرف ما، ودور "كان" الإطلاق.

*هناك تراكيب يمكن أن تلتبس على المتلقي فيعدّها ضمن لام الجحود : من قبيل " ما جئت لأقاتلكم أو لآخذ أموالكم" فاللام هنا للتعليل ولا صلة لها بالجحود.

العلاقات الإسناديّة:

إنّ علاقة الإسناد تذهب في اتّجاهين: خلفيّ وأماميّ… باتّجاه الخلف لتنفي الاستحالة المطلقة لإمكانية إتيان الفعل الثاني المحتلّ محلّ الخبر، وفي اتّجاه الأمام لتنفي مطلقا إتيان الفعل الذي يؤدّي معجميّا معنى مخصوصا وبذلك يخرج بالنّفي من المطلق الذي تؤدّيه عبارة "ما كان" إلى النّسبيّ من المعنى... ويذهب الكوفيون إلى " نفي النّية " بالعبارة الأولى ثم جاءت اللام  زائدة لتقوية النّفي، فالأصل "ما كان يفعل"...

 ومن العبث في نظرنا الدّخول في التّأويل الدّلالي، ولا في تعليل عمل النّصب بوجود "أن" مضمرة وجوبا على مذهب البصريين عوضا عن التعامل مع الظاهرة كما هي ماثلة في التّداول.

عمل لام الجحود:

هو عند الكوفيين حرف زائد غير جارّ بل ناصب فهم يجعلونه في ذاته ناصبا مخالفين البصريين في وجود أن مضمرة وجوبا كما أسلفنا لأنه في الأصل جارّ مُعَدّ (يحقّق تعدية الفعل) متعلق بخبر كان.

وبلاغة أسلوب لام الجحود إنما هي عند البصريين. أمّا عند الكوفيين فاللام زائدة لتوكيد النّفي. وبذلك يحصرون معناها في النّحو ويقصونها عن البلاغة.

والحاصل في نظرنا أنّ لام الجحود ذات قيمة أسلوبيّة وذات دور في تحسين الكلام بما تدخله على البنى الدلالية (النفي بين الإطلاق والنسبة) وعلى البنى التركيبية (تحريك بنية الجملة الإسمية) من تغييرات قادرة على تكثيف الدلالة الحاصلة من التعبير المجرد.

ورقة من إعداد الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

الاثنين، 6 ديسمبر 2021

أطرد النّهر، عبد المجيد يوسف/ تونس

عبد المجيد يوسف/ تونس

أطرد النّهر 

أيّها النّهر

المنساب بين السّهوب

صامتا تحت خمائل الطّرفاء

يا نهر مجردة

الذي تعلّمتُ فيه السّمكَ الفضيَّ

لمّا طغى ماؤك في مجراه

آكلا من الضّفاف والحقول

حوّلتَ كوخا لسبعة صبية إلى زورق تائه

واقتحمتَ مخادع النّساء بمائك الثّقيل.

وحين انكمشتْ غُلمتك

مثل بالونة مثقوبة

عِفتُ منك السّمك

وكرهتُ لونك الصّدَئيّ

...حتى حينما صفا ماؤك

وطوّقني إلى الصّدر

لم أشعر نحوك بتلك القشعريرة اللذيذة

التي كانت تفضي في نهاية العناق

إلى سمكة.

لذا أيها النهر

حوّل مجراك عن طريقي

اشرب ماءك وتصحّر

أو تجمد مثل نهر الموسكو

وانقطع عن الهدير... وعن الخرير.

عبد المجيد يوسف/ تونس


الاثنين، 29 نوفمبر 2021

جاء الشّتاء متأخّرا، عبد المجيد يوسف/ تونس

عبد المجيد يوسف/ تونس
 

جاء الشّتاء متأخّرا

جاء الشّتاء بعد موعده بقليل

 جاء هادئا بلا رعد، مسالما بلا نار

 وليس معه ولو سنونو واحدة تفتح له الطّريق

صعّر خدّه يمينا وصعّر خدّه شِمالا

 لم يجد ولو نسمة بحريّة واحدة تكنس الأوراق

 التي قد يكون تركها أيلول على الرّصيف

 والسّماء الخضراء البعيدة

 لم تطرح على مفرقها ذاك الشّال الأبيض الشّفيف

 الذي احتفظت به من عامها الفائت

ولم ترم على كتفيها ذاك المعطف الثّقيل الدّاكن من الكشمير

والأشجار على جانبي الطّريق وفي الجبال وفي السّهوب

لم ترسل بأوراقها إلى المدابغ كما يشتهي الشّتاء

 والموجة، الموجة في الخليج،

 ظلّت على هدوئها الصّيفيّ الرّصين

 وعلى ابتسامتها العذية التي رسمها الصّيف على ثغرها

 وظلت تعابث الصّيّادين، تحاول أن تخطف منهم سمكة...

والنّهر... نهر مجردة... ظل حبيس مجراه،

ولم "يأكل من لحم ضفافه"[1]

كما فعل في الرّبيع...

حتّى طائر اللقلق في تلال باجة،

ألهاه التّكاثر وحبِسه الدّفء

كأنه ظل عاكفا على عبادة اللقلق الحجري في بوابة المدينة

فلم يغادر إلى مِصْرِه البعيد.

والأرض... (حتى ما كان منها رِخوا يُخفي لزُوجة تحت الأديم)

صدّت الأوتاد التي رام الشّتاء أن يدُقّها فيها لنصب خيمة.

***

حزنت السّماء ولبست معطفها الثّقيل

 وحزنت الشّجرة فسلّمت أوراقها إلى أهواء كانون.

وحزنت الموجة وأزبدت ورفضت حمْل قوارب الصّيّادين

حزن الجميع...حتى اللقالق في بيُوتها فوق أبراج الكهرباء

حزن الجميع... عندما رحل الشّتاء باتّجاه الشّمال البعيد.

عبد المجيد يوسف/ تونس



[1]الصورة بين ظفرين للشاعر الراحل يوسف الورغي (1956/1991) (البحر يجامل قرصانه)

مرحبا بكم في مجالس الرّكن النيّر للإبداع

23-4-2020

Flag Counter

أصدقاء مجالس الرّكن النيّر

أبو أمين البجاوي إسماعيل هموني البشير المشرقي البو محفوظ العامريّة سعد الله الفاضل الكثيري أماني المبارك أميرة بن مبارك إيمان بن ابراهيم إيناس أصفري بدوي الجبل بسمة الصحراوي بشر شبيب جمال الدين بن خليفة جميلة القلعي جميلة بلطي عطوي حليمة بوعلاق خالد شوملي خير الدين الشابّي رائد محمد الحواري سعيدة باش طبجي سلوى البحري سليمان نحيلي سنيا مدوري سوف عبيد صابر الهزايمه صالح مورو صباح قدرية (صباح نور الصباح) صبيحة الوشتاتي صفيّة قم بن عبد الجليل عبد الأمير العبادي عبد الحكيم ربيعي عبد العزيز جويدة عبد الفتّاح الغربي عبد الله بن عيسى الموري عبد المجيد يوسف عدنان الغريري عزّ الدين الشّابّي عنان محروس غادة إبراهيم الحسيني فاطمة محمود سعدالله فردوس المذبوح فيروز يوسف فيصل الكردي كفاية عوجان لطفي السنوسي لطفي الشابّي لمياء العلوي لودي شمس الدّين ليلى الرحموني محمد القصاص محمّد الهادي الجزيري محمّد سلام جميعان محمّد صوالحة محمّد مامي محمّد مبروك برهومي محمد مبسوط مختار الماجري مراد الشابّي منى الفرجاني ميساء عوامرية ناصر رمضان ندى حطيط هندة السميراني وهيبة قويّة يوسف حسين