‏إظهار الرسائل ذات التسميات سرد. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سرد. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 12 يونيو 2023

صمت ثرثار،،، كفاية عوجان/ الأردن

الأديبة: كفاية عوجان/ الأردن

صمت ثرثار

بصمت عميق تتأمّل ما فات وتسخر ممّا هو قادم، فالقدر محتوم. وكما تقول دائماً: لا فكاك منه ولا مهرب..

تطرد ظلال العتمة من حولك وتمضي في رهانك على حياة. يغشانا الضباب، ويجبرنا الزّمان أن نعيش في الأحداث بحلوها ومُرِّها مرّتين... مرَّة حين وقوعها والأخرى حين تحييها ذاكرتنا، فينهار الصّمت الساكن فيها.

تفتح نافدتك الّتي تطلّ على جدار يحجب عنك الفضاء الّذي تعشق، فلا يصلك منه إلاّ بقايا ضوء شمس بعيدة ...

تتنهّد وتعيد شريط الذّكريات من جديد... مرح الأطفال وأحاديث الكبار... صوت الموسيقى والأغنيات، روائح الأشجار رائحة التّراب المبلّل بقطرات المطر، وصرخات تدوّي بتكبيرات العيد،

أصداء ترتدُّ من عمق الذّكريات، وصور تتطاير من هنا وهناك. لا شيء يحتفظ بسكونه إلاّ تلك الجدران الّتي يسري البرد في ضلوعها فأفقدها البريق والنضارة، جدران باردة باهتة لا تصل إليها أضواء السّماء ...

 تشرق الشّمس في كلّ يوم وترحل دون أن تدنو منها ولو قليلاً..

العتمة تحضن أرجاء البيت المسكين، تحاول جاهداً أن تشعل كلّ الأضواء والمصابيح الّتي سرعان ما تخطف العتمة نورها، شيئاً فشيئاً يخفت ضوؤها ثمّ تنطفئ. تبدّل المصابيح باستمرار، ولا ضوء يشبه ضوء النّهار ...

تنهار عليك سحب صامتة لم تعد تأبه لأشكالها أو ألوانها، تسكنك فيغشاك الضّباب وتستعذب روحك سلام الأموات الّذي تحياه، وتتحوّل إلى شيء ثابت يحمل شكل الحياة ويراقبها من بعيد، لا قدرة له على التّغيير أو الاعتراض، مستسلما ترفع رايتك البيضاء..

 سلام زائف مؤقت، فالحياة لن تكتفي بما أنت به من هدوء، بل ستقحمك في تحدّيات تتطلّب منك أن تثور وتنتصر لنفسك قليلاً، ثمّ تعود لتئنَّ وجعاً من جديد، تلملم جراحك وتجرجر خيبتك، وتستسلم لعجز جديد وتتوه في بحر من الأفكار.

كفاية عوجان /الأردن

الأحد، 5 فبراير 2023

نصّ من رواية "رجل الضفّتين"،،، صفيّة قم بن عبد الجليل/ تونس

الأديبة صفيّة قم بن عبد الجليل/ تونس
 

نصّ من رواية "رجل الضفّتين"

كانت دهشتي شديدة وأنا أقلّب البصر هنا وهناك؛ ولأوّل مرّة أتفطّن إلى أنّ جلّ لوحاتي تحمل صور نساء في مختلف الأعمار والهيئات والمناسبات...! هالني الأمر، وبلا وعي وجدتني أبحث عن وجه تلك المرأة المقرفصة فلم أعثر له على ملامح ولا على شبَه! كنتُ أسخر من نفسي وأنا أسألها: "كيف لي أن أرسمها قبل أن ألتقيها؟! ومع ذلك ظللتُ أبحث عنها في فضاء المرسم وفي مخيّلتي دون أن أعبأ بهاتف يهتف بي دون هوادة: "إنّك بصنيعك هذا تثبت جنونك لنفسك ولغيرك، فهلّا أقلعتَ؟!" ولا يزيدني إلحاح الهاتف إلّا إمعانا في البحث العشوائيّ هنا وهناك... لم أترك لوحة لم أقف أمامها كأنّي لستُ مَنْ رسمها أو كأنّني أُبصرُها لأوّل وهلة! داهمني إحساس فظيع بالغربة وأنا أتملّى الوجوه والقدود والتّعابير والحركات وداهمتني روائح تنبثق من العيون والثّياب والنّظرات والابتسامات أو التكشيرات... كدتُ أجزم بأنّ هذا الّذي يتملّى اللّوحات ليس أنا، الرسّام المعروف رضوان الفالح خرّيج المعهد الأعلى للفنون الجميلة، بتونس وبالسربون، بل كدتُ أجزم أنّني لستُ في يقظة!

صرخة مدوّية من تلك المرأة المركونة كجثّة هامدة بالزّاوية اليمنى رجّتني رجّا عنيفا فقفزتُ من مكاني هاربا ولذتُ بمكتبي فزعا، ثمّ لم ألبث أن تداركتُ أمري وهرولتُ إليها مستكشفا فإذا هي هامدة في لباسها الأبيض الشّفيف ولا شيء فيها يثير غير ابتسامتها الّتي بدت لي صفراء وقحة! إلهي لِمَ رسمتُها على هذا النحو؟!

طفقتُ أعصر ذاكرتي عصرا علّي أهتدي إلى ظروف رسمها وممّا استوحيتُها فما ظفرتُ بأدنى إشارة! وظللتُ أرتحل بذاكرتي من لوحة إلى لوحة، لأدرك في ومضة خاطفة أنّني لا أبحث إلّا عن ذاتي عبر الخطوط والألوان والرّوائح... فهل أجدُها؟!

سؤال لم أطرحه على نفسي بذات الحدّة كما الآن! مطارق تقرع رأسي وأنا أجوب هذا المرسم بحثا عن ذاتي التّائهة بين هذا الرّكام من الوجوه الّتي بدت لي لأوّل مرّة كأنّها جثث محنّطة، بل نتنة! إنّي أراها فاغرة فاها، أراها تتربّص بي لتنقضّ عليّ وتفترسني! أبتعد عنها بحذر شديد لأجد نفسي محاطا بها من كلّ جانب! يضيق بي المرسم وتثقل أنفاسي وأكاد أختنق! أحاول أن أنفذ بجلدي فأقع دون ذلك. سألتُ السّماء بكامل وهني ولهفتي فردّتني إلى الأرض... توسّلت بالأرض فأرسلتني إلى بنيها... تفرّستُ في الوجوه من جديد فأفزعتني الأقنعة! فررتُ ورحتُ من جديد أستجدي السّماء والأرض وما بينهما... بهدير وصرير وزفير وصفير وزئير وأنين وعويل... يضجّ الكون ولا أحد يعير سعدا اهتماما بعد أن هلك سعيد، ولا أحد يدرك أنّ الهلاك آت لا محالة من يوم أن أُكل ذاك الهزبر العتيد... هِمتُ على وجهي أشحذُ يقينا ولا يقينَ! سألتُ الرّمل والنّمل والصّخر والبحر فناح الموجُ وتوارى وراء الأفق البعيد... عدتُ أدراجي وحيدا إلّا من ظلّي، ذاك الرّكيك السّمج الّذي يعدّ عليّ أنفاسي فأختنق. عدتُ أسأل البشر والحجر والشّجر، فما ظفرتُ بغير فوضى حواسٍّ وصخبٍ وهرجٍ. سألتها: أهي الواقعة أم الزلزلة؟!

قالت جميعها: "ابتعد عنّي. اُرسمْ أو غنّ"!

قلتُ: "كيف أغنّي وذي أرضي تنوح وهذي الوجوه بكلّ شكل ولون تبوح"؟!

قالت: "غنّ أو نُحْ، فكلاهما سواء! "

انكفأتُ على ذاتي، أسألها عنّي. فقالت: "غنّ كما الطير أو ابتعد عنّي!"

قلتُ: "كيف يحلو الغناء وسط هذا العَناء؟!"

قالت: " إذن اُصمت وكن هباء!"

فررتُ بجلدي ورحتُ أفتّش بين جوانحي لعلّي أعثر على ضالّتي... لقد هالني ما وجدتُ في أركان مرسمي، هناك:

وجدتُ في ركنٍ طفلا ينتظرْ، في لهفة مواسمَ السّفرْ.

وفي ركن آخر عجوزا طاعنة، تُقلِّب الكفّ والنّظرْ،

وتستجلي الحكمة من صمت ليلها وحفيفِ أوزار العمر.

وفي ثالث سيّدة تُطرّز من عبق ضفيرتها قصيدة تتلوها تعويذة، كلّما تنفّس السَّحرْ.

وفي رابعِ نخلة فارعة وزيتونة باسقة وحنينَ ناي يجلو عنّي موجات الكدرْ ...

وبالقلبِ نوّاسة، من ذؤابتها يتضوّع حلمي وشدوي

ريحانا وأنغاما وهِبات أُخَرْ...

فيتهادى الآتي أبيّا، عتيّا، يراقص النبضَ منّي فأغنّي:

" إذا الشّعبُ يوما أراد الحياة

فلا بدّ أن يستجيب القدرْ"

فتعلو زغاريد بعضي لبعضي.

وتهزّني نفحات عطر وبتلات شعر،

فيخفق نبض ويشعّ نجم ويبسم طفل

لمرأى أمّه تنسج من نور عينيها

رداء لهذا الوطن،

رداء يقي طفلها جليد الليالي

وكلّ المحن...

ضجّت الأركان تبحث عنّي في زوايا ذاتي، فما ظفرت بغير سراب يتهادى بحثا عن ربّات الفنّ الّتي لمّا تُبْعثْ من رحم الضّجر!

صفيّة قم بن عبد الجليل/ تونس

من رواية: رجلّ الضفّتين

 

الأحد، 29 يناير 2023

رحيل،،، كفاية عوجان/ الأردن

الأديبة: كفاية عوجان/ الأردن
 

رحيل

بحر خاشع يرسل أمواجه الهادئة تباعاً لتهدهد ذلك المركب المُتعَب.

الرّذاذ يتساقط رقيقاً حانياً والقمر بضوئه الفضّيّ يداعب وجه البحر، ويرخي ظلال نوره على شراع تأهَّب ليحضن رياح الخريف بامتنان.

أرفع مرساتي وأرخيها في البحر لأتَّخذ سبيلي في البحر سربا ...

ها هي الحياة بين يديّ تغرّد كعصفور عاشق...  أبتسم له وأنا أطلقه راضية ليعود إلى أرض تساوت فيها الحياة بالأحلام.

يطير ويبتعد... يتلاشى في سحابات من الضباب ...

يبتعد وأبقى وحيدة ....  أظلل عيني براحتي لأرى بوضوح أكثر...

 ماذا تركت هناك ...

لم تكن الحياة سوى وقفة تحت شجرة في يوم عاصف...  ومضيت ...

تركت ورائي بضع ضحكات، وقليلاً من الفرح... ودمعات وكثيراً من الكلمات كتبتني على جذع الذكريات، ونورساً حزيناً أتعبه السّفر وما زال حائراً في معنى الحياة.

 بحبّ أُغمض عيني على مشهد الحياة الصاخب والأضواء ...

 وأدير وجهي إلى عتمة بحر ليبتلع روحي ويبتلع ما كان ...

كفاية عوجان/ الأردن

الخميس، 12 يناير 2023

العنف العاطفي،،، الأستاذ عدنان جياد الغريري/ العراق

الأستاذ عدنان جياد الغريري/ العراق
 

العنف العاطفي 

الحبّ نعمة عظيمة أودعها الله في قلب بني آدم (ع) فهم ينجذبون إلى من يشابههم في الميول والطباع ولا نعلم ما هذه القوة الخفيّة الّتي تجعل الإنسان مملوكا لإنسان أخر مشدودا له بكلّ ما يملك من حسّ وشعور يكاد يسيطر عليه بالكامل حتّى لو لم يكن موجودا معه.

الحبّ حاجة روحيّة ثمّ تتطوّر لتكون حاجه روحية وجسدية لتتوحّد. والحاجة الروحية هي الشعور بالأمان والراحة النفسية مع الطرف الأخر وإيجاد الذّات المفقودة إلى درجة يعيش المرء في روح الأخر ويسبح في فضائه. الحبّ مقدّس، حقيقة سامية في النفس البشرية، محجوبة في الطاقة الروحية الساكنة. 

إنّ النفس تعاني من هيمنة الألم وصفعة الخيبات والمكابرة من خلال التواصل الخاطئ وهيمنة سحر الماديات والتعالي والجحود بالأفعال والقساوة بالأقوال فيضمحلّ الحبّ الحقيقيّ بمراقبة العقل فيتحوّل إلى كراهية بغيرة التملك والشكّ فيحدث العنف العاطفي والنفسيّ والجسديّ في النفس البشرية إلى حدّ نكران وتشويه هذه النعمة الربانية والاستخفاف بنورها الذي يطفئ نار جهنم لأنّ بقية الألم من الماضي تقوّي قوّة اللحظة في الحاضر فتسهم في تدمير كلّ الجمال والجميل في العلاقات الإنسانية والمجتمعية.

بقلم الأستاذ عدنان جياد الغريري

 

الاثنين، 9 يناير 2023

شرفة الغياب،،، وهيبة قويّة/ تونس

وهيبة قويّة/ تونس
 

شرفة الغياب

التقينا عند مفارق الطّرقات وفي قلب كلّ منّا حلم قد صحا غناءً في حواصل الطّير... لم يكن همّي حين التقيته إلاّ مواصلة الطّريق إلى نهايتها. فتمنّيت لو أنّني أريح يدي في يده وأن أدخل معه إلى شرفة القلب. (حينها كنت قد سكنتها وأنا لا أعلم). ولم يفكّر هو أن يطلب منّي الدّخول إليها. (حينها كان منشغلا بالأقمار الّتي تخفيها سحائب الحزن المستوطن في عينيّ، وتتوقّد سراجا وهّاجا في شرفة أحلامه).

وفي غفلة من الزّمن الهارب. استفقت عند منتصف الحلم لأجد الغياب، والطّرقات الفارغة قد حفرت أخدودا في روحي. مع ذلك استطعت أن أواصل الحلم.

كان حين يدخل حلمي يرسم على راحتيّ الهمسات ويلوّن أسراب الطّير المحلّقة في سماء روحي ويطلق الفراشات في مداها.

وكنت كلّما غاب أدخل شرفات الذّاكرة وأطلق من راحتيّ الطّير والألوان في الفضاء ثمّ أشعل ما تبقّى فيهما من ذاكرة حطبا يقيني برد الغياب. وأشرع شرفة الحلم على مرافئ الانتظار حقولا من الشّوق أقتات من خضرتها أمنيات تكسر صمت الفضاء بصدى الأغنيات.

كان طيفه يطلّ عليّ من حين إلى حين، فإن اختفى كنت أشعل رائحة القهوة في الشّرفة وأكتب إلى الغائب، أغنيات أودعها حواصل الطّير في فضاء المرايا...

تعوّد الطيف دخول الشّرفة وسماع حكاياتي وصار وفيّا لمواعيدي. متلهّفا على قهوتي. فصرت أعدّ له فنجانه ثمّ أقرأ على خطوطه أسفار العودة.

أدمن الطّيف قهوتي وأدمنت سكناه في روحي فرسمت حقولا من الياسمين أعطّر بها خطوات مَن أدمن الغياب وأمُدّ ظلالها وارفة في شرفتي، شرفة الانتظار، أقي طيفه هجير المسافات.

- طيفي. لن نحتاج إلى رسائل... سنطلق الطّير جميعا إلى سقف الغمام ليمطر الغائب أغنيات. وسننتظره معا...

يبتسم الطّيف كلّما حدّثته عنه. ويطوف بأفكاري لتلد شرفتي مزيدا من الحكايات. كنت أشعر بوجوده وبأنّه يمدّ في روحي شعاع الأمل وأنّ في انتظاري حياة.

أحيانا تعتريني الحمّى وأرى غائبي يوقد قصائده حطبا للشّوق، وأراه يقطف الزّمن الهارب ورودا تُعتّق نبيذ المسافة إليّ... يدخل شرفة الأحلام مع كلّ حمّى ليهديني قصيدة ووردة لا تذبل.

- طيفي، سننتظره معا. فلا تكتب اسميْنا في سجلّ الغائبين ولا تملّ ذاكرة أدمنت الانتظار...

وهيبة قويّة/ تونس

مرحبا بكم في مجالس الرّكن النيّر للإبداع

23-4-2020

Flag Counter

أصدقاء مجالس الرّكن النيّر

أبو أمين البجاوي إسماعيل هموني البشير المشرقي البو محفوظ العامريّة سعد الله الفاضل الكثيري أماني المبارك أميرة بن مبارك إيمان بن ابراهيم إيناس أصفري بدوي الجبل بسمة الصحراوي بشر شبيب جمال الدين بن خليفة جميلة القلعي جميلة بلطي عطوي حليمة بوعلاق خالد شوملي خير الدين الشابّي رائد محمد الحواري سعيدة باش طبجي سلوى البحري سليمان نحيلي سنيا مدوري سوف عبيد صابر الهزايمه صالح مورو صباح قدرية (صباح نور الصباح) صبيحة الوشتاتي صفيّة قم بن عبد الجليل عبد الأمير العبادي عبد الحكيم ربيعي عبد العزيز جويدة عبد الفتّاح الغربي عبد الله بن عيسى الموري عبد المجيد يوسف عدنان الغريري عزّ الدين الشّابّي عنان محروس غادة إبراهيم الحسيني فاطمة محمود سعدالله فردوس المذبوح فيروز يوسف فيصل الكردي كفاية عوجان لطفي السنوسي لطفي الشابّي لمياء العلوي لودي شمس الدّين ليلى الرحموني محمد القصاص محمّد الهادي الجزيري محمّد سلام جميعان محمّد صوالحة محمّد مامي محمّد مبروك برهومي محمد مبسوط مختار الماجري مراد الشابّي منى الفرجاني ميساء عوامرية ناصر رمضان ندى حطيط هندة السميراني وهيبة قويّة يوسف حسين