رواية اللّواجيست لعبد المجيد
يوسف
النّاقد يقرأ ذاته
يمكن القول إنّ رواية اللّواجيست الّتي
صدرت عن دار الوطن العربي للنشر والتوزيع بالمنستير سنة 2022 رواية تجريبيّة على
أكثر من مستوى:
• من جهة الزمن
: عادة يمتدّ زمن الحكاية في النصّ الروائي على فترات طويلة يختزل الراوي بعضها
ويقفز على بعضها ويضمّ بعضها إلى بعض كما يفصّل بعضها تفصيلا. أمّا رواية اللّواجيست
فديمومة الحكاية فيها 24 ساعة لا غير.
• الزمن
الممتدّ يقتضي بنية درامية متشابكة ومتعدّدة الأوجه بعضها حاضر وبعضها مستحضر... أمّا
رواية اللّواجيست فلا بنية درامية فيها، بل إنّ ما يقع فيها من الأحداث مسطّح لا
أهمّية له مثل انفلاق عجلة وسيطرة السّائق على السيارة... وربط حزام الأمان أو
عواء ذئب في الصّحراء وظهور نجمة الراعي...
• الرواية
تقتضي شبكة معقدة من العلاقات بين الشخصيات كما يقتضي تحليلا لهذه الشخصيات من
الناحية السيكولوجية والعملية... أما شخصيات "اللواجيست " فلا أسماء لهم
ولا ذاكرة (ماعدا واحدة) ولا يعرف بعضهم بعضا.
• المكان في
اللواجيست مكانان، مكان متسع هو الطريق من العاصمة تونس إلى تطاوين وآخر ضيق هو
سيارة الأجرة بحيث يقع التفاعل الوثيق بين الداخل والخارج... وهذا
"الخارج" هو في ذات الوقت متحرك وثابت (تقدم السيارة وتوقفها) وللحركة
والثبوت دور في توجيه أحداث الرواية.
• من حيث
التيار العام للكتابة في رواية اللواجيست يسهل على القارئ الربط بينها وبين تيار
الواقعية السّحرية لكتاب أمريكا اللاتينية حيث تلعب الصحراء وخارطة السماء عند
الغروب وعند الفجر وحركة النجوم دورا مهما في تحديد مسار بعض الشخصيات.
• كما يمكن
ربطها بتيار الرواية الجديدة في بعض جزئياتها من حيث تغييب مفهوم البطل او تعدد
البطولة في النص الواحد كما تلتقي بها من جهة استيعاب المرئيات والأشياء ووصفها
وذكر استعمالها. وتخالفها من جهة التغييب القصدي للتحليل النفسي والاستبطان
والاكتفاء في السرد بذكر ما يُرى وما يُسمع ولا شيء غير ذلك.
• من حيث
محدودية الزّمن وتسطيح الأحداث يمكن ربطها بروايات جيمس جويس "عوليس"
و"الأموات"...
• وهكذا فإن
"اللواجيست" تدخل في شبكة واسعة من التقاطعات النصية بأمكنة وأزمنة
مختلفة، بروايات متعددة وبالنص التاريخي والنص السياسي والنص الأسطوري أيضا.
عبد المجيد يوسف/ تونس