الشاعرة: وهيبة قويّة/ تونس |
ضوءُ الرّحيل
ضَاءَتْ خُطَى أُمِّي عَلَى دَرْبِ الرّحيلِ
وَفِي مَوَاكِبِ ضَوْئِهَا
فَاضت غيوم القلب أذكارا
وأدعيةً تلألأ رجعُها في العين أمطارا
تودّع ظلّ مَن بينَ الضّلوع وَجِيبُهَا
لاَ يَنْطَفِي...
وَدَّعْتُ أُمِّي،
والدّعاءُ يسيلُ مِن قَلْبِي،
ومِن عينيَّ،
مِن شفتيَّ،
من ترنيمةِ النُّوّار تشدو في رِيَاضِ أُمَيْمَتِي،
أتلو تسابيحَ الزّهورِ لرُوحِهَا...
أمِّي، نَدَى الفَجْرِ الوليد، تبسّمت أنواره في عينها،
وبراعمُ اللّوزات تحملهنّ أحلام التفتّح في بكور ربيعها،
وطفولةُ الآس المشعشِع في صفاء بياضها...
وظلالُ زنبقة تشاغب في حنوّ ضفّة النّهر الـْ جَرَى في كفّها،
نسرينةٌ هامت بخضرة غصنِها، وَدَنَتْ مِنَ الْغَيْمَاتِ هَمْسَةُ عِطْرِهَا،
والياسمينُ معتّق في روحها،
أمّي تَضَوَّعَ عِطْرُهَا فُلاًّ وَوَرْدًا من حدائق حسنها.
في رَوْضِهَا أغْفَتْ وخفقةُ قلبها، أمّي، تلألأ سَبْحُهَا
فِي صوت ورْداتِ النَّدَى قد طفن حول ترابها،
سبعٍ غرسْن بقلبها حُبّا نَمَا مِلْءَ الدّعاءِ بتُربِها...
أثمرن ذِكْرًا لاَ ذُبُولَ يَطَالُهُ...
هل طالت الدَّعَوَاتُ كَعْبَ حَنَانِهَا؟
أمّي دعاءٌ في اشتعالات الحنين،
وفي مدى تِحْنَانِهَا
والقلبُ درويشٌ تطوّفه سماء الوجد كي يرقى إلى نفحاتِها،
سرِّ الدّعاء على شفاه وُرُودِها...
أمّي تنام ولا ينام دعاؤها
ودعاؤنا غيمٌ يُبَلِّلُ قَبْرَهَا...
وهيبة قويّة/ تونس