إضاءات
لغويّة
ينيرها: عبد المجيد يوسف/ تونس
أنْ
نجد
في كتاب "جواهر الأدب في معرفة كلام العرب" لعلاء الدين الإربلي وفي "مغني
اللبيب عن كتب الأعاريب" لابن هشام الأنصاري منسوبا إلى جمهور النحاة أنّ
" أنْ" اسمٌ طورا وحرفٌ طور آخر.
فالإسم
حسب هؤلاء ما دخل في تكوين ضمائر الخطاب، فهو بذلك جذر تُضاف إليه لواحق تخصّص جنسَ
المخاطب وعدَدَه. وهذا معناه أنّ ضمائر الخطاب حسب وجهة النظر هذه مركّبة من جذر ولاحقة
وليست بسيطة.
لكن
هذه الرّؤية تثير إشكالا في مسألة العلاقة في بنية الضمير بين الإسم "أن"
وبين اللواحق ت /ت /تما/ تم/ تنّ /هل هي علاقة إضافة؟ خاصة وأنّ النّحاة لم يبحثوا
هذه العلاقة بل اكتفوا بالإشارة إلى الظاهرة دون بحث وضْعِها الإعرابيّ.
هذا
الرأي لا طائل من ورائه وليس له من انعكاس سوى تعقيد المبحث النحوي ولا فائدة لا إعرابية
ولا دلالية تنجرّ عنه.
أمّا
الحرف فهو أن يكون موصولا حرفيا يوصل بالأفعال مضارعة كانت أو ماضية
-
والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين (الشعراء 82)
-
لولا أن تداركه نعمة من ربه (ن 49)
الوظيفة
الإعرابية:
عمله
الإعرابي هو نصب الفعل المضارع. فإن دخل على الماضي كفّ عمله لأنّ الماضي بطبعه مبني
على الفتح:
-
فلولا أن كنتم غير مدينين ترجعونها... (الواقعة 68)
وقد
يلتحق بالأمر: أنْ أقم وجهك للدين حنيفا (يونس 105) فيكون لا عمل له لأنّ فعل الأمر
بعدُ معمول. والحقيقة أنّ الحرف في الآية لا يعدو أن يكون موصولا حرفيا وظيفته تفسيرية.
ففي
الآية السابقة:... وأمرت أن أكون أوّل المؤمنين(104) وأن أقم وجهك للدين حنيفا... الوصل
جرى بين نص الآية وبين حديث محذوف (وقيل لي: أن أقم وجهك للدين حنيفا) وهو أسلوب شائع
في القرآن. لكنّ النحاة اكتفوا بوصف خارجي للظاهرة فقالوا "التحق بفعل الأمر".
ويخلط
ابن هشام في المغني بين الحرف أنْ وبين المركب الموصولي الذي يحدثه والذي صلته مركب
إسنادي فيجعل الحرف الموصولي في محلّ رفع في قوله تعالى: (أن تصوموا خيرا لكم) والواقع
أنّ كامل المركب الموصولي أي الحرف الموصول وصلته في محلّ الرفع على الابتداء.
الوظيفة
الدلالية:
تفسير
معنى سابق فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر (الشعراء 63) (تفسير مضمون الوحي)
وهو ذات المعنى المشار إليه في المثال السابق.
الوظيفة
الصرفية:
يؤوّل
المركب الموصولي المكون من أنْ وصلته بالمصدر: يجوز أن يكون ما قيل حقا (المعري رسالة
الغفران)
يجوز
كوْنُ ما قيل حقا... لذلك قالوا "أن المصدرية"
وخلاصة
كلّ هذا أنّنا ننفي أن يكون الحرف "أن" اسما ولا يعدو أن يكون في جميع أحواله
حرفا موصولا وظيفته اللغوية التفسير ووظيفته النحوية الصلة والرّبط.
بقلم
الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يتم نشر التعليق بعد المراجعة