الشاعرة: فاطمة محمود سعدالله |
من ثقب الإبرة
من ثقب الإبرة
تطلّ أمّي
ترتق الوصايا بخيط من غبار
تنفض نعاسا
كان يراود جدّتي قبل اكتمال الحكاية
أعناق الأحلام المشرئبّة
تقطف أزاهير الكلام
تنظم قلائد لجيد القصيدة
تمرّ أمام نافذتنا المواربة جياد مروّضة
تتقن الرّقص على إيقاع أنفاسنا المتلاحقة
كانت أمّي
قد ضفرت أعرافها الطويلة
جدائل من عقيق
معطّرة بالصندل الخرافي
وجلجامش يتّكئ على دكّة الحكواتي
يستبق المكتوب إلى
جسد الرّيح
الممدّد على طول الطريق
الرّحلة لم تبدأ بعد
كم عشبة نمت
كم نملة باتت على الطوى
كم أفعى مجّت سمّها في بئر الحرمان
تعتقت مرارة الغياب
لملم القصر شرفاته المهدّمة
صفق أبواب الكتمان
وظلّ جلجامش على صهوة الرحيل
والإبرة في كومة القشّ
وأمّي تخيط حكايا جدّتي بلا خيط
وتطلّ من ثقب الإبرة
تهشّ على
غيمات ترعى في درب التبّانة
تتقفّى خطوات نجمة هاربة من المصير
من شقوق النافذة
يصلني صوت أمّي عند المخاض
حملتني كرها
وضعتني كرها
ولدت ومعي كفني
فاطمة محمود سعدالله/ تونس
18/5/2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يتم نشر التعليق بعد المراجعة