الشّاعرة: سعيد باش طبجي/ تونس |
كُهُوفُ
الذّاكِرة
خَبَّأتُ
فِي خَاطِرِي إطلَالَةَ الشَّفَقِ
وقَوْسَ
إشْرَاقَةٍ وَردِيَّةِ الألَقِ
وحُمْرَةً
مِنْ أصِيل ذَائبٍ وَلَهًا
بِمَرجِ
حُسْنٍ يَضُخُّ النُّورَ فِي حَدَقِي
بِالأمْسِ
حِينَ شَبابِي كَانَ يَمْهُرُني
حِسًّا
نَدِيًّا كَطِيبِ الجُودِ فِي الغَدَقِ
خَبَّأتُ
فِي دَرَجِي أقْلَامَ أخْيِلَتِي
وخَمْرَ
مِحبَرَةٍ رَيَّانَةَ النَّشَقِ
عَتَّقتُها
فِي دِنَانِ الشَّوْقِ فَائِرَةً
نُورًا
يُرَاقِصُ لَهْبَ النّارِ في وَمَقِ
أَحلَامَ
ذَاكِرةٍ جَذْلَى بِجَذْوَتِها
عَذْرَاءَ
ما اغْتَالَهَا لوْثٌ مِنَ النَّزقِ
طُفُولَةً
غَضَّةً دَانَتْ لهَا قُطُفٌ
و
الثَّغْرُ مُغْتَبِطٌ مِنْ لذّةِ النَّبَقِ
جَدِيلَةً
مِنْ حَريرِ الطُّهْرِ أظْفِرُها
مَمْهُورَةً
بِشَذَا الحِنَّاءِ وَ الحَبَقِ
خُرافَةً
كانَتْ الجَدَّاتُ تَنْسِجُها
مِنْ
نَكْهةٍ السِّحرِ في الأسْحارِ والغَسَقِ
وَ
وَردَةً منْ حَكَايا العِشْقِ عَابقةً
خَبّأتُ
أشْذَاءَها فِي مُهْجةِ الوَرَقِ
وَمِنْ
خُيُوطِ شُعَاعٍ وَارِفٍ جَذِلٍ
وَمخْمَليِّ
الهَوَى زَاهٍ ومُؤْتَلِقِ
خَبَّأتُ
سِربَ فَرَاشٍ رَاقِصٍ ثَمِلٍ
قَدْ
كانَ فِي مُقْلتِي يَخْتالُ فِي ألقِ
خَبَّأتُ
لَيْلَكَةً... نَخْلًا ودَالِيَةً
حَبَّاتُها
مِنْ حَبَابِ الشّهْدِ والعَلَقِ
سَنابِلًا تُوّجَتْ بالتِّبْرِ هَامَتُها
حُبْلی
بمَوْجةٍ خِصبٍ مِنْ جنَى الوَدَقِ
خَزَنْتُها
في كُهُوفِ الرُّوحِ هَاجِعَةً
وكُنْتُ
أُنْسِيتُها فِي زَحمَةِ الطُّرُقِ
واليَوْمَ
حِينَ اَسْتَفَاقَ الشَّوْقُ في طَرَفِي
واخْتل
نَبْضُ الرِّضَا و العَجْزِ في نَسَقِي
وابْيَضَّ
زَهْرُ قَذَالي في رُبَا عُمُرِي
وأعتَمَتْ
مُقْلةُ الأيَّامِ فِي أُفُقٍي
هَيَّأْتُ
فِي مُهْجَتِي حُلْمًا و أمْنِيَةً
كَيْ
أُرجِعَ الزَّمَنَ المَطلِيَّ بِالعَبَقِ
وغَيْمةً
مِنْ ندًى تَهْمِي عَلَى ظَمَأي
و
تَغْسِلُ الجَدبَ و الإمْحالَ فِي حُرَقِي
كَيْ
أسْتَعِيدَ الصِّبَا منْ بَعدِ جَفْوَتِهِ
وهَدأةَ
النّوْمِ مِنْ دَوَّامةِ الأرَقِ
وقُلتُ
: "يا ثَروَتِي هِلِّي علَى عَجَفِي
ومِنْ
كُهُوفِ الوَنَى وَالعُقْمٍ فَانْبَثِقِي
هَيَّا
نُكَفْكِفُ عَنْ رمْشِ المُنَى رَمَدًا
رَمَى
بِشَوْقي عَلَى أُرجُوحَةِ القَلقِ"
نَادَیْتُ
ذِكْرَى الصِّبَا من جُرفِ غَفْوَتهَا
رَجَوْتُها
أنْ تَذُرَّ البُرءَ فِي مِزَقِي
فَتَحْتُ
أدرَاجَهَا و القَلْبُ في وَجَلٍ
وجُسْتُ
بَيْنَ ثَنايَاهَا عَلَى خَفَقِ
وَجَدتُ
ذاكٍرةً حُبْلَى بِثَروَتهَا
مَخْزونَةَ
الرّحْمِ فِي زَنْزانةِ النَّفَقِ
أسْرجْتُ
فِیهَا فَتِیلَ الشَّوْقِ فالْتَهَمَتْ
نِیرَانُها
جَذْوَتِي... واسْتَنزفَتْ عَرَقِي
رَشَقْتُ
زَهْرةَ شَوْقِي فِي مَغَالِقِها
فَمَا
اسْتَجابَتْ لطِيبِ العِشْقِ والعَبَقِ
شُلَّتْ
مَفاتِيحُها و اجْتَاحَها صَدَأٌ
واغْتالَها
خِنْجرُ النّسْيانِ بالرَّشَقِ
وغَرغَرَ
الصّوْتُ في الأقْفَالِ يَخْنِقُني
والمَوْجُ
يلْعَقُنِي فِي لُجَّةِ الغَرَقِ
هَذي
مَفاتیحُ أسْرارِي وذَاکِرَتي
عَلَّقْتُها
هَوَسًا عِقْدًا عَلَی عُنُقِي
تَعوِیذةً
مِنْ نُفاثُ الرُّوحِ... تَحرُسُني
تحمٍي
حنَينِي منَ الأوْصَابِ و الفَرَقِ
فِي
الفَجْرِ أحضُنُها و الرُّوحُ قانِتَةٌ
و
فِي الأصَاٸلِ أتْلُو سُورَةَ الفَلَقِ
في
هَدأَةِ اللَّيْلِ تَرشِينِي فَتُوهِمُني
أنْ
سَوْف تَرفَعُ عنّي حمَّةَ الأرَقِ
وتَفْتَحُ
الدَّرَجَ المَمْنُوعَ عَنْ أمَلِي
فيُزْهرُ
الحُلْمُ في الشِّريَانِ والحَدَقِ
ورَغْم
أنِّي عَلَى أعتَابِ قَافِيَتي
يَجْتاحُنِي
التّيهُ في أعتَامِ مُفْتَرَقِي
أقُولُ
والرُّوحُ بالأشْواقِ مُتْخَمةٌ
ترُومُ
إكْسيرَ بُرءٍ فيهِ مُنْعَتَقِي:
"سَأرفَعُ
السُّجُفَ السَّوْداءَ عَنْ وَصَبي
وأنْفُضُ العَتْمَةَ الغَبْراءَ عنْ ألَقِي
"وأغْسِلُ
اللّوْثَ عنْ مَرجِي و مُنْتَجَعِي
وأبْذُر
الحُبَّ في مُسْتَنْقعِ الزَّلَقِ..
"وسَوْف
أدعُو فُلُولَ العِشْقِ وَارِفةً
لَعَلَّ
تَهْطِلُ بِالأنْدَاءِ و الغَدَقِ
"لأقْرِضَ
الشِّعرَ ألْوَانًا وأنْسِجَةً
مَا
دامَ في النَّبْضِ بَعضُ العِشْقِ وَالرَّمَقِ"
سعيدة
باش طبجي/ تونس
فيفري
2022