الاثنين، 14 فبراير 2022

قصيدة النّثر الجديدة، تحوّل حركة اللوغوس (من العالم إلى الذات)

قصيدة النّثر الجديدة: 

تحوّل حركة اللوغوس (من العالم إلى الذات)

ورقة أدبيّة يصدرها الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

ذكرنا زحزحة السّيطرة المطلقة للوغوس بفعل المراجعة الدّائبة للمفاهيم وبسبب أنّ العقل يسعى إلى إثبات حقائق يقينية لا تلبث أن يُطعن في وثوقيتها (أشير هنا على مختلف العلوم)...

فممّا وقعت مراجعته هو النظرة التّأمّليّة المجرّدة للوجود الإنساني وإحلال النّظرة الظاهراتية محلّها... يعني أنّ الإنسان لم يعد ماهية ماقبليّة تحقّق وجودها في العالم من خلال التّأمل والتّفكير، ولكنّه كائنٌ مفرغ من الماهية المُسبَقة، موجود في زمان ومكان في العالم، يختبره ويبني ماهيته فيه بناء على التجريب والممارسة... هذا المفهوم هو ما عُبّر عنه هيدوغير بالدّازاين في كتابه الشهير "الوجود والزمان ". وترجمه عبد الرحمن بدوي " بـ "الآنية وبـ "الوجود في العالم".

ببساطة، نلاحظ أن الكائن يوجد في العالم دون اشتراط التّفكير وهو مطالب حينئذ ببناء ماهيته فيه عن طريق اختباره وتأمّل تجاربه في محيطه، وهذا معنى النظرة الظاهراتية للوجود والتي ستنعكس في الشعر عن طريق تحويل محتواه من جهد نظري وانفعالي وجداني إلى جهد وصفي وحكائي... فحركة الفكر تتّجه إذن من العالم إلى الذات عكس ما كان عليه الكوجيتو الديكارتي... ولننظر تجليات هذا في قصيدة النثر ما بعد الحديثة التي جاءت تالية لما كتبه المؤسّسون ومن سار على خطاهم.
وفي يلي نموذج من هذه النصوص التي اتخذت من استكناه العالم موضوعا لها وهو للشاعرة أفراح الجبالي ...
كـنتُ خارجة مِن مَتجر البِـقـالة

تَـشبـث برجْـليّ

كِـدتُ أركُله.

وفكرتُ في القِدر على المـوْقد

والغسـَّـالة التي تـدُور

فكرتُ في الأطفـال وموْعد الحصة الصبـاحية

ويَـد شرطي المرور على النـاصيَـة

الغيُـوم التي تَـحدّثـوا عنهـا بَـعد نشـرة الثـامِنة وأنا أعِـدّ المـائدة

الجـوارب المـتسِّـخة التي لـمْ ألتقِـطها بعد. وفكرتُ في حـبْل الغسِيـل

هل وضعه البـائع في الكِيـس أيضا؟

فكرتُ في السيـارة التي حـان موْعد فحصِهـا

والفـارنْـدا التي تـدُور فيـها وُريْـقات الشجر اليـابسة

وكرسـيّ مكتبي، الذي في آخر المَمر. مثل كل يـوم. على مر السنِيـن

لمْ يَـنبح.

لمْ يَـعضّـني.

مُـؤلِـم أن أنظر في عيْـنيْـه

يـدُور ووَبَـرُه النـاعم لصِيــق بـلَحمي

وَضع قــائمتَيْـه الصغِيــرتيْن على فَـخذي

ثم بَـسط ذراعيْـه بالتراب.

حِيـن نظرتُ فـي عيْـنيْـه… رأيـتُ مـا يَـعنِيـه

ومـا سـيَظل يَـعنِيـه

أن يُلْمس...

في هذا النص المنتمي إلى الموجة الجديدة تبدو السردية هي المكون الأساسي للخطاب الشّعري بعيدا عن المجاز والرمز المبهم مفارقا لذلك الغموض الذي لازم قصيدة النثر في بداياتها حتى صار داخلا في حدها. (الناقد السعودي عبد الرحمن محمد القعود ألف كتابا عنوانه الإبهام في شعر الحداثة فصّل فيه مظاهر الإبهام بغياب الدلالة أو تشتّتها والإبهام في العلاقات اللّغوية...) فصار للنصّ في هذه الموجة الجديدة دلالة منسجمة وأضحت البنى اللغويّة كذلك. ويروي النصّ قصّة بلا عقدة ولا تطور درامي ولا صراع. والأهم من كل هذا أن حركة العقل هنا آتية من العالم باتجاه الذات فتكوّن لهذه الذات وعي بالعالم فوصفته وسردت مكوناته ونشأت بينها وبينه علاقات هي قوام وجودها فيه.

لقد تحدثنا ونحن نشرح آنية هيدوغير (الدازاين الذي أصبح بديلا عن الكوجيتو) البعدين المحايثين للكائن في الموجد وهما الزمان والمكان وعليهما قام مؤلف هيدوغير فالكائن موجود هنا والآن. وانطلاقا من هذين العنصرين (الزمان والمكان) والوعي الواضح بهما في النص نحت الكينونة في زمان ومكان محددين وجزئين تجسيدا للبعد الأمبريقي، ف"دكان البقالة والقدر على الموقد والغسالة والأطفال وشرطي المرور والغيوم والجوارب المتّسخة والسيارة والفيرندا وكرسي المكتب المتروك" تتضافر كلها مع عناصر الزمان (موعد الحصة الصباحية نشرة الثامنة موعد فحص السيارة...) لتنحت نظام يوم للكائن في موجده وقد اعترضه ما يمكن أن يربك هذا النظام.

ونشير إلى أن كلمة "فكّرت" لا تعني شيئا من التأمّل المحقّق للوجود كما هو الشأن في إطار الكوجيتو ولكنه عمل الذاكرة في استحضار مستلزمات الموجد وربط الصلة بينها وبين الزمن الذي ينبغي أن تكون فيه

ورقة أدبيّة يصدرها الباحث: عبد المجيد يوسف/ تونس

 

الجمعة، 11 فبراير 2022

ركبت الهوى، حليمة بوعلاّق/ تونس

الشاعرة: حليمة بوعلاّق/ تونس

ركبت الهوى

ركبت الهوى ظنّيتْ بحره سْفينة

نلقاه برزخ للجفاء داعينا

****

نلقى الرّياحْ العاتيه تْشقْلِبْنا    بين الهوى والصدْ تعصفْ بِيّ

وحتّى الأمل في أحلامنا كذّبْنا   وأنا لْعشقْتِكْ بالصّفاء والنّيّة

رفعتِكْ شراعي للهناء يصوّبنا    نحسابْ نجمكْ للحنين ثنيّة

نحساب بحر أشواقنا يجلبنا   وأمواج ليل الشّوق تحكي عليّ

هبّتْ عواصف دمّرتْ مركبنا    ما بين جزر ومدْ عبثتْ بيّ

زاد الزّمن من علْقْمَه شرّبنا    ونا ماسكة عَلْجَمرْ بين يديّ

حتّى القمرْ من صحْبْته شطّبنا    وصارتْ أغاني حبّنا مرثيّة

وقت الصّلاة علْقِبْلْته غرّبْنا     علْودْ صمنا وللجفاء صلّينا

ناحتْ قصايد حبّنا وما كتبنا   ورجعتْ ليالي أشواقنا ترثينا.

حليمة بوعلاق/ تونس

شعر شعبي تونسي

مرحبا بكم في مجالس الرّكن النيّر للإبداع

23-4-2020

Flag Counter

أصدقاء مجالس الرّكن النيّر

أبو أمين البجاوي إسماعيل هموني البشير المشرقي البو محفوظ العامريّة سعد الله الفاضل الكثيري أماني المبارك أميرة بن مبارك إيمان بن ابراهيم إيناس أصفري بدوي الجبل بسمة الصحراوي بشر شبيب جمال الدين بن خليفة جميلة القلعي جميلة بلطي عطوي حليمة بوعلاق خالد شوملي خير الدين الشابّي رائد محمد الحواري سعيدة باش طبجي سلوى البحري سليمان نحيلي سنيا مدوري سوف عبيد صابر الهزايمه صالح مورو صباح قدرية (صباح نور الصباح) صبيحة الوشتاتي صفيّة قم بن عبد الجليل عبد الأمير العبادي عبد الحكيم ربيعي عبد العزيز جويدة عبد الفتّاح الغربي عبد الله بن عيسى الموري عبد المجيد يوسف عدنان الغريري عزّ الدين الشّابّي عنان محروس غادة إبراهيم الحسيني فاطمة محمود سعدالله فردوس المذبوح فيروز يوسف فيصل الكردي كفاية عوجان لطفي السنوسي لطفي الشابّي لمياء العلوي لودي شمس الدّين ليلى الرحموني محمد القصاص محمّد الهادي الجزيري محمّد سلام جميعان محمّد صوالحة محمّد مامي محمّد مبروك برهومي محمد مبسوط مختار الماجري مراد الشابّي منى الفرجاني ميساء عوامرية ناصر رمضان ندى حطيط هندة السميراني وهيبة قويّة يوسف حسين