الاثنين، 29 نوفمبر 2021

جاء الشّتاء متأخّرا، عبد المجيد يوسف/ تونس

عبد المجيد يوسف/ تونس
 

جاء الشّتاء متأخّرا

جاء الشّتاء بعد موعده بقليل

 جاء هادئا بلا رعد، مسالما بلا نار

 وليس معه ولو سنونو واحدة تفتح له الطّريق

صعّر خدّه يمينا وصعّر خدّه شِمالا

 لم يجد ولو نسمة بحريّة واحدة تكنس الأوراق

 التي قد يكون تركها أيلول على الرّصيف

 والسّماء الخضراء البعيدة

 لم تطرح على مفرقها ذاك الشّال الأبيض الشّفيف

 الذي احتفظت به من عامها الفائت

ولم ترم على كتفيها ذاك المعطف الثّقيل الدّاكن من الكشمير

والأشجار على جانبي الطّريق وفي الجبال وفي السّهوب

لم ترسل بأوراقها إلى المدابغ كما يشتهي الشّتاء

 والموجة، الموجة في الخليج،

 ظلّت على هدوئها الصّيفيّ الرّصين

 وعلى ابتسامتها العذية التي رسمها الصّيف على ثغرها

 وظلت تعابث الصّيّادين، تحاول أن تخطف منهم سمكة...

والنّهر... نهر مجردة... ظل حبيس مجراه،

ولم "يأكل من لحم ضفافه"[1]

كما فعل في الرّبيع...

حتّى طائر اللقلق في تلال باجة،

ألهاه التّكاثر وحبِسه الدّفء

كأنه ظل عاكفا على عبادة اللقلق الحجري في بوابة المدينة

فلم يغادر إلى مِصْرِه البعيد.

والأرض... (حتى ما كان منها رِخوا يُخفي لزُوجة تحت الأديم)

صدّت الأوتاد التي رام الشّتاء أن يدُقّها فيها لنصب خيمة.

***

حزنت السّماء ولبست معطفها الثّقيل

 وحزنت الشّجرة فسلّمت أوراقها إلى أهواء كانون.

وحزنت الموجة وأزبدت ورفضت حمْل قوارب الصّيّادين

حزن الجميع...حتى اللقالق في بيُوتها فوق أبراج الكهرباء

حزن الجميع... عندما رحل الشّتاء باتّجاه الشّمال البعيد.

عبد المجيد يوسف/ تونس



[1]الصورة بين ظفرين للشاعر الراحل يوسف الورغي (1956/1991) (البحر يجامل قرصانه)

الاثنين، 22 نوفمبر 2021

أطرد النّهار أيضا، عبد المجيد يوسف/ تونس

عبد المجيد يوسف/ تونس

أطرد النّهار أيضا

أيها النهار صاحب الشمس خازن النار

تخرجها قسرا من الماء

ولمّا تغتسلْ من غلمة الليل

تخرجها نضّاحة عارية

تسكب عليها من ضوئك المذاب

تحقن في شريانها النار

وتركلها برجلك وراء جبال الشمال

أنا لا أحبك أيها النهار

أتحسب أنك تفتنني بإذابة الدّيجور وطمر النجمات؟

أتظن أنك تفزعني بإلقاء شواظ على مسرب في البحر

يحرق المراكب ويمتد حتى يلسع قدميّ على الرمل؟

أتحسب أنك تفتنني بتلوين السّمكات ببريق اللجين

وهن يتلاعبن على ظهر موجة؟

لا أحبك أيها النهار

لأنك تعرّي الحقيقة وتطرد الأحلام

وحين يشتدّ أمرك أيها النهار

 وتتطاول على السّرو وعلى الصفصاف

تقلّص الظل   وتختزل الكائنات.

الغزلان في الفيافي...والخرفان في المراعي

والنساء العاملات في الحصاد ... ماذا تفعل بهنّ أيها النهار

والشعراء ... تفسد عزلتهم بما تنثر حولهم من غثاء الكلام

حوّل شمسك الباهرة عني أيها النهار

يكفيني قمر شاحب أعشى

لتبصرني الكائنات.

عبد المجيد يوسف/ تونس

مرحبا بكم في مجالس الرّكن النيّر للإبداع

23-4-2020

Flag Counter

أصدقاء مجالس الرّكن النيّر

أبو أمين البجاوي إسماعيل هموني البشير المشرقي البو محفوظ العامريّة سعد الله الفاضل الكثيري أماني المبارك أميرة بن مبارك إيمان بن ابراهيم إيناس أصفري بدوي الجبل بسمة الصحراوي بشر شبيب جمال الدين بن خليفة جميلة القلعي جميلة بلطي عطوي حليمة بوعلاق خالد شوملي خير الدين الشابّي رائد محمد الحواري سعيدة باش طبجي سلوى البحري سليمان نحيلي سنيا مدوري سوف عبيد صابر الهزايمه صالح مورو صباح قدرية (صباح نور الصباح) صبيحة الوشتاتي صفيّة قم بن عبد الجليل عبد الأمير العبادي عبد الحكيم ربيعي عبد العزيز جويدة عبد الفتّاح الغربي عبد الله بن عيسى الموري عبد المجيد يوسف عدنان الغريري عزّ الدين الشّابّي عنان محروس غادة إبراهيم الحسيني فاطمة محمود سعدالله فردوس المذبوح فيروز يوسف فيصل الكردي كفاية عوجان لطفي السنوسي لطفي الشابّي لمياء العلوي لودي شمس الدّين ليلى الرحموني محمد القصاص محمّد الهادي الجزيري محمّد سلام جميعان محمّد صوالحة محمّد مامي محمّد مبروك برهومي محمد مبسوط مختار الماجري مراد الشابّي منى الفرجاني ميساء عوامرية ناصر رمضان ندى حطيط هندة السميراني وهيبة قويّة يوسف حسين