لوحة تماسّ للفنّانة التشكيليّة: منى الفرجاني/ تونس |
تــَـمَــاسّ
لا شيء يُصغي في البياضِ إلى بكاء هواجسي
لا لحن يرقص في سَمائكَ
لا يديك على يديّ
ولا نوارس في المدى
صفراء أوردتي... صفراء كفّي
جرداءُ مثل حديقة هجرت روابيها السّحائبُ والبُروقُ
وضجّ في دمها القتادْ
صفراء قاحلة رؤايَ
والليلُ أصفر تحت ريشاتي النديّة بالغناء.
هــو:
أنا لستُ ظلّكْ
لست المُرجّى من حوار اللّون في صمت البياضِ
لستُ انبعاث الضّوء من غبش الرّماد
إن خاتلتكِ البارقاتُ وغامَ دربُكْ
أنتِ ما سكب الغياب بمقلتيْكْ
وصداكِ يَنجُم من رؤاكِ
ورؤاك تركض في دماكِ...
وتصطفيكْ.
هـــي:
هذا دبيبُكَ يا زمانَ الموت في جسدي أراه
لبس الظّلامَ ولفّني
هذا وَجيبُك، كيف أهرب من مَداه
غَلِقٌ مدايَ، ولا هواءَ يدور في فَلَكِ الكلام
والضّوء في شفتي رمادْ.
هـــو:
أنا بوحُك المكتوم، أنتِ خلقتِني
أنت استعرت لِيَ الضّياءَ
ولبستِ ألوانَ المرايا المزهراتِ
وأعرتِ للأشكال صوتكْ
أنا لستُ ظلّكْ.
هــي:
ناديتُ وجهكَ يا حبيبي فشجّني الصّمتُ الثّقيلُ
وغار صوتي في صداهْ
زرقاء أيّامي من غير نبضك في دمي
والقلب يلهث في المدى
هذي طريقك مِلءَ وجهي
وخُطاي في النّجوى دُخانْ
هذي حدائقك الشهيّة في رؤايَ وفي ظِلال خواطري
لكنّ عينِي لا تراكَ
ولا تسمّي ما أريد وما أرى.
هــو:
أنتِ الرّحيل وأنت ريحُك والشّراعُ
وأنا المؤمَّل من رحيلكِ
كلّما انطفأت رياحٌ
وُلدتْ بُروقٌ في يديك وتحرّكت أجراسَ فجْركْ
أنا لستُ ظلّكْ.
هـي:
لِمَ كنتَ تنْجُمُ في رؤاي ولا تحاورني يداكْ
لِمَ كنتَ تضحك من بُكائي
وتُشير بالصّمت الثّقيل على صهيلي
لا الرّوح تسلو ما تكسّر في رؤاها
ولا تضمّكَ أو تراكْ؟
زرقاء أرضكَ...
والمدى ماءٌ تحدّر من هديلكَ في يباس أناملي
زرقاء بسمتُك اليراعُ على شفاهي اليابسه
فعلام يكسرني الظّلامُ على يديكَ
ولا ترمّمني يداكْ
حتّامَ أمحو كلّ وجه في صباحي
ولا أرى وجها سواكْ ؟
هــو:
أنتِ من رسم السّماء وحرّك الأرياحَ فيها
وأنت من كسَر الجناحَ
وكسّر الألوانَ تجهدُ كيْ تسرّح في خطاكِ دمَ الصّباحْ
أنا لستُ ظلّكْ
دَعي المرايا
قُدّي الظّلام وكوني أنتِ بَعدَه
ضوْءا يقُدّكِ من رؤاك
فلا يخونك أو يصُدّكْ!
الشّاعر: لطفي الشّابّي
من ديوان: نصف قمر على ليل الحديقة