الشاعر: البشير المشرقي/ تونس |
ولّى الرّبيع!
رحل الصّفاء وحلّت الأتعاب
ونأى بعيدا فتية وصحاب
كانوا كما الأطيار حامت في المدى
لم تثنها ريح ولا أوصاب
حطّت على الأغصان تتلو بوحها
نشوى تحفّ بدوحها الأطياب
واليوم قد ولّى الرّبيع بفيئه
وتقطّعت بجميعنا الأسباب !
نأي الأحبّة لا رأيتم مثله
حزن مقيم في الحشا وعذاب
إن أقبلوا ضحك الزّمان وغرّدت
أطياره وتمايل العناب
وإذا مضوا لفّ الظلام دروبنا
وبكت علينا غيمة وسحاب !
هذي النّوى طالت وطال عذابها
فمتى يعود لدوحنا الأحباب؟
ويغرّد الحسّون فوق خميلنا
وإذا هفونا تفتّح الأبواب
يا ربّ قرّبهم إلينا لحظة
حتّى نراهم والدّعاء يجاب !
سأعود للدّوح الوريف مسلما
ومرحبا ما أمكن الترحاب
قلبي كأفياء الخميلة وارف
ومدامعي طفحت بها الأهداب
وأسائل النسرين هل بات الشّذا
في كلّ شبر بعدنا ينساب؟
والنّخل كيف تراه أمسى بعدنا
والورد والنارنج والأعشاب؟
ومجالس كنّا نحلّق بينها
وعقولنا لعبت بها الأكواب. ..
أكواب أنس كم شربناها على
نخب الهوى فتمايلت ألباب
لهفي على تلك الدّيار تركتها
وتسارعت بيد النّوى الأحقاب
وبقيت وحدي لا نجوم أعدّها
فيهزّني لوميضها الإعجاب
حيران في قلبي حقول للشّذا
ذبلت وليل العاشقين عذاب
هل يكبر الأمل المجنّح في دمي
حتّى يعود لفيئنا الأصحاب؟
فبكلّ عرق من عروقي لهفة
وعلى يميني في الحنين كتاب!
البشير المشرقي/ تونس