أطرُدُ الليل
خذ أيها الليل متعلقاتك كلّها
وارحلْ.
ارفع أغراضك
التي تركتها منذ غسق الأمس
والبشائر
الكاذبة التي جئت بها
وذلك الحلم الخلُّب
الذي تركته عالقا بجدار الغرفة
فامتدّت جذوره تحت الوسادة مثل حجر ناتئ.
خذ حتىّ أوهامك المبشّرة بفجر جديد
تلك الأوهام التي سرّبتها إلى قلبي يوم التقيتك، وزعمت أنك
صديق الشّعراء وحامي المجانين.
لكنّ الصّادقين من الشعراء يذكرونك بكلّ سوء
لأنك تسرّب إلى مخادعهم
غانية قبيحة تبات في عظامهم
لذا فأنت قوّاد سافل...
وعليك أن تأخذ سلامك
الذي وعدت به الرّوح وتركته قريبا لا تطاله اليد
ولا تنس سراجك الشّاحب الذي ينطفئ من نفَس نجمة
أمّا سماؤك، تلك التي قيل إنّها عروس من الزّنج،
فلا حاجة لي بالتّلصّص عليها من الثقوب السّوداء
ولا رغبة لي في
تملّي ما تنشر من أزرارها
على حبل من نور البدر الممتقع
ولا رغبة لي في سرقة قلائد الجُمان المتدلّية على صدرها
تحت خط الاستواء
أنا لم أحبّك يوما منذ عشرات السّنين لأنك لم تكن يوما
صادقا معي
وكذبتَ ألف مرة حين زعمت أنّك حامل الوحي
وحامل القناديل
وأن أفضل القصائد لم تكتب إلاّ برعايتك
وأنّك مصحّح لغويّ لكلّ ما يُنشئ الشعراء.
وأنك نسّاج كلّ ما يُحاك من الاستعارة.
فأنا لم أكتب في رعايتك إلا نصوصا ركيكة...باهتة
ولم أشكّل في حضورك إلا صورا فجة ممجوجة...
لذلك أيها الليل، أرجو ألا أرى معطفك الأزرق ثانية في
هذه الغرفة.
عبد المجيد يوسف/ تونس