الأحد، 17 أكتوبر 2021

سَيِّدُ التَّاجِ، سنيا مدوري/ تونس، معارضة لقصيدة "البردة" للإمام البوصيري في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم

الشاعرة: سنيا مدوري/ تونس

سَيِّدُ التَّاجِ

معارضة  لقصيدة "البردة" للإمام البوصيري في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم

 مَوْءُودَةٌ بَزَغَتْ كالنّجْمِ في الحُلُمِ

صَلَّتْ لِنُورِ هُداكَ الآنَ في الحَرَمِ

طافَتْ تَجُوبُ دِيَارَ القَوْمِ في ولَهٍ

نِعْمَ الترابُ الّذي حيّاكَ منْ قِدَمِ

كمْ خَبَّؤوهَا بِأَرْضٍ لا ذُنُوبَ لَها

كَمْ أَخْرَسُوا قَلَمًا يا هيْبَةَ القَلَمِ

زَفَّتْ خُطاهَا إِلَى الأضْوَاءِ رَاجيَةً 

لُقْيا حبيبٍ سَرَى كالحِسِّ فِي النَّغَمِ

لُقْيا حبيبٍ يَراهُ القَلْبُ قَبْلَ عُيــُـــــــــو

نٍ تائِقَاتٍ بِفَيْضِ الشّوْقِ والشَّبَمِ

عَفْوا فَإِنِّي بِلاَ رَيْبٍ مُقَصِّرَةٌ

وَنُورُ وَجْهِكَ قَهَّارٌ لِذِي العُتُمِ

مَنْ كُلَّمَا شَفَتي طافتْ بأحْرُفِهِ 

أسْرَتْ يقينا بهِا أعْلى من القمَمِ

ناديتُ يا بَلْسمًا للرّوحِ يُنْصفُها     

عِنْدَ الشَّدَائِدِ، عِنْدَ اليَأْسِ وَالألَمِ

النَّفْسُ خَطّاءَةٌ فاغْفِرْ خطيئَتهَا

إِنّي تَعِبْتُ وشَفَّ العَظْمُ مِنْ هَرَمِ

ذرْني أطوّفُ في الأرْضينَ شَاعِرَةً

أُخْفِي جُموحَ هَوًى يَعْصَى عَنِ الْكُتُمِ

كمْ شهْوَةٍ طَفِقَتْ نفْسٌ تسايرُها

وكمْ نَسيتُ صَلاةَ الْحَمْدِ للنِّعَمِ

اللَّهُ يَعْلَمُ ما في القَلْبِ مِنْ شَغَفٍ

إِنْ وَزَّعُوهُ عَلَى الأشمالِ تلْتَئِمِ

تلْكَ التي نَزفَتْ من ضلْعها قَبَسًا

للنّور أهْدَتْ ضياءً في دُجى الأمَمِ

نَادتْ خديجةُ يا اللّهُ يا سَندي

ردّ الصّدى "سَندٌ للنّاسِ كلّهِمِ"

قَلْبٌ غدا وَطَنا لا شيءَ يشبهُهُ

ضمَّ "الفريقين من عُرْبٍ ومن عَجَمِ"

يا سيّدَ التّاجِ يا مَنْ بِتَّ تَحْرُسُهُمْ 

في جُبِّ غَفْلَتِهِمْ نامُوا وَلَمْ تَنَمِ   

ورْدًا زَرَعْتَ بصحْراءٍ مُضلِّلَةٍ       

فانداحَ غارٌ وفاضَ الرّملُ بالدِّيَمِ

كُلُّ الصِّفَاتِ عَلى وَجْهٍ تُجَمّعُها

خِصْبٌ تفتّحَ بالعنّابِ والكُرُمِ

أنْتَ القِرَى سُكبتْ في كفِّ أوديَةٍ

كُلُّ القُرَى شَرِبَتْ مِنْ حوضهِ الدَّسِمِ

كمْ رافقَتْكَ سَمَاءُ اللّهِ في دَعَةٍ

مُذْ كُنْتَ طفْلا، وسَارَ الظِلُّ في الغِيَمِ

أشْفَقْتَ حينَ رأيْتَ الهَوْلَ أمثلَةً      

وقُلْتَ ربّي لقوْمي أستبيحُ دمي

عُشُّ الحَمامِ حَمَى صِدّيقَكَمْ وحَكى   

عنْ بطْشِ أهْلٍ طَغَوْا، يا خَيْبَةَ الذّمَمِ

العنْكَبوتُ بَكَتْ مِنْ نسْجِ أخْيِلَةٍ     

كَمْ علَّمَتْنا دُروسَ الصِّدقِ والكَرَمِ

بالصَّبْر منْكَ سَمَتْ آياتُ خالقنا

تُعْلِي البيانَ وتُهدي السّحْرَ للكَلِمِ

قالوا نَجيءُ بِما يُلْغي فَصَاحَتَهُ

فَمَا اسْتَطاعُوا بَيَانَ (النُّونِ) و(الْقَلَمِ)

ميمٌ مَحبّةُ كُلِّ النّاسِ يُغْدقُها

قلْبٌ بِحجْمِ مجرّاتٍ سَرَتْ بدَمِ

حاءٌ حَمَدْتُ إلَهي واهبًا نِعَمَا

منْ نورُ وجْهِ حَبيبٍ أجْمَلُ النِّعَمِ

ميمٌ مواسِمُ أفراحٍ وأُمْنِيَةٌ

حُبٌّ سَرَى بفؤادي وارتَوَى بدمي

دالٌ دُروبُ رضا الرّحمانِ في سُنَنٍ

نَرجو شفاعَتَهُ عِتْقًا منَ الضَّرَمِ

صلَّى الإلهُ عَلَى المُخْتارِ ما انبجَسَتْ

شمْسٌ عَلينا، تُنيرُ الدَّرْبَ في السُّدُمِ

سنيا مدوري/ تونس

 

منجزات الأفلاطونية (3)

بقلم: جون فرنسوا ريفال Jean François REVEL

ترجمة: المترجم والباحث عبد المجيد يوسف/ تونس

     رابط الورقة الأولى

      الورقة الثالثة:

نتساءل – بدون محاولة التمييز بين ما يعود إلى أفلاطون وما يرجع إلى سقراط أو إلى الفكر الإغريقيّ في القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد - : ما هي منجزات الأفلاطونيّة التي لا تكتفي بكونها ما فتئت محتفظة بحداثتها بل هي تشهد أو تستحقّ اهتماما وتطبيقا في عصرنا الرّاهن؟

يمكن إرجاع هذه المنجزات إلى ثلاثة عناوين رئيسية:

أوّلا: فنّ الحجاج أو طرق مجابهة الأفكار.

ثانيا: الإجابة عن سؤال الموجد: كيف أعيش أو فيم تتمثل الحكمة؟ وما السعادة من وجهة نظر فرديّة علمانيّة مستقلّة عن النّجاة المحتملة بواسطة العقيدة الدّينيّة؟

ثالثا: الاعتقاد الرّاسخ في أنّ الفرد لن يعرف الحكمة السّعيدة إلاّ في مدينة ذات مؤسّسات، ممّا يقود غلى التّأمّل في السّياسة وفي علاقتها بالأخلاق وبالحرّيات الفرديّة.

إنّ المحاورات السّقراطيّة لمن أعظم الإبداعات الذّهنيّة للحضارة الغربيّة، لكنّنا نتناسى ذلك بشكل مطرد. وفي الوقت الذي نمارس فيه عادة المحاورة نفهم الحوار على أنّه مونولوغات متوازية (كلّ يخاطب ذاته) تتمطّط رتابتها الغبيّة بين الصّمّ وتثاؤب المعتاد اليوميّ.

وفي عرف سقراط كلّ محاورة هي مجابهة لا مهادنة وإلاّ فلا مبرّر لوجودها، و"معلّم التّفكير"(9) لا يفكر ولكنّه يُسائل. وفي عديد النّصوص لا يصوغ سقراط أطروحات شخصيّة لكنّه يدحض أو على الأحرى يذهب بمحاوره إلى دحض آرائه الشّخصيّة فيحمله على تسليط الضّوء على هشاشة وضعه وتناقضاته وعلى استخلاص من آرائه الشّخصيّة ما به يدحض هذه الآراء ذاتها، إنّها طريقة "الإلينكوس" (التهكم).

هذه اللعبة البارعة في الاستجوابات والإجابات لا بديل لها، ذلك أنّ المحاورة الحقيقة لا تتمثل في تناظر رأيين اعتباطيين ولكن في إخضاع كلّ منهما إلى الاختبار على ضوء أسئلة الخصم. إنّ هذه الطريقة تمرّن على الانخراط في الحياة الفكرية وتدرّب على التّحلي بالأخلاق الحميدة وبالحكمة، ذلك أنّه، في عرف الإغريقيّ في المرحلة الموالية لسقراط، ستصبح الحكمة محايثة للمعرفة، وعلى الخصوص معرفة الذات.

وسوف يكون الشّاعر مونتاني Montaigne (10) العازف المنفرد الذي سوف يعزف بمهارة لا مثيل لها هذه الأنشودة، أنشودة استبطان الذات المنفتحة على العالم. وبما أنّ لا انفصال لها عن المعرفة فلا إمكان لها أن توجد من دون الفضيلة لا بمفهوم الطهارة المبتذل ولكن بمعنى احترام العدل، وكلّ محاورة غورجياس مخصّصة لدحض الفكرة القائلة بأنّ السّعادة هي امتلاك القوّة وأنّ العدالة هي قانون الأقوى. ويردّ سقراط على "كاليكلاس"(11) الذي يدافع عن الفكرة القائلة بأنّ القانون هو مجرد مظهر للقوة بقولته الشّهيرة " أفضّل أن أتلقّى الظلم على أن أكون ظالما".

بهذه الوسيلة يقود التأمل في الحكمة المتعلّقة بالفرد إلى التفكير السّويّ في الحكومة الجيّدة المقابلة للحكومة الجائرة الشرّيرة.

إنّ الإغريق – في معرض التّصرّف في أحوال الإنسان – ابتدعوا العلوم السّياسيّة من ناحية، ووضعوا لأوّل مرّة سيرورة الحياة خارج السّياق الدّينيّ دون نفي هذا السّياق، من ناحية أخرى. كما برهنوا على أنّ المسألتين (12) لا يمكنهما الانفصال مطلقا وليس لإحداهما أن تنفي الأخرى نفيا تامّا كما هو الشأن في الأنظمة الكليانية التي تصادر الحرّيّة الفرديّة، وليس لإحداهما أيضا أن توجد في معزل عن الأخرى. وفي هذين الميدانين المتباينين المترابطين في آن يكون حكم المدينة لنفسها – كما حُكمُ الأشخاص لسلوكهم – مسبوقا بمعرفة العدل والحقّ.

إنّ السّياسة تمثل امتدادا للأخلاق، وعليها أن ترتكز على المعرفة، ونحن نلاحظ بكثير من الاهتمام أنّ الصّينيين قد سبقوا أفلاطون بقرن ونصف حيث أنّ كونفوشيوس(13) قد وضع ذات المبادئ السّياسية، ولا شكّ أنّ نظريّة الطبيب الفيلسوف عدو كانط اللدود "برنارد دي مندفيل" (14) القائلة بأنّ " رذائل الفرد تؤسّس الفضائل العامّة" تكون مثارا للسّخريّة لو وُجدت في عصر سقراط، حيث أنّه – مثل أرسطوطاليس- يعتقد العكس: الفضائل الفرديّة هي التي تؤسّس فضائل الجماهير وأنّ المعارف الدّقيقة هي التي تؤسّس الحكومة الصّالحة.

لقد ابتدع الإغريق الدّيموقراطية لكنّهم في الآن نفسه كانوا شديدي الارتياب بها. لقد كانت في نظرهم أفضل أنظمة الحكم لكنّها أيسر السّبل إلى الدّيماغوجية والفوضى والطغيان الأعمى للجماهير وإلى ما ندعوه اليوم بالتّسيّب وغياب السّلطة. ففي اعتبار مثقفين إغريق يبدو الحكم بإعدام سقراط سنة 399 ق م من طرف محكمة شعبيّة متكوّنة من خمسمائة مواطن ومواطن واحد دليلا على أنّ الدّيمقراطية يمكن أن تغدو حمقاء ومجرمة، ولهذا نجد في كتاب الجمهوريّة حلم أفلاطون الطوباوي بإخضاع المدينة للدّكتاتورية المستنيرة للفلاسفة دون غيرهم. وفي هذه النّقطة بالذات يتمرّد أرسطوطاليس على معلمه حيث يؤكّد أنْ لا وجود لعدالة في غياب الحرّيّة. لكنّ سقراط وأفلاطون ومفكرين إغريق آخرين يؤكّدون بدورهم على أنْ لا حرّيّة بدون عدالة وعلى أنّ الدّيمقراطية يمكن أن تنتهك لا من طرف الحكّام الجبابرة فحسب ولكن من طرف الشّعب أيضا.

......

الهوامش:

(9) علامة التخصيص من وضع المؤلف.

(10) مونتاني (ميشال إيكيم حي....) (1533/1592) شاعر فرنسي.

(11) Calliclès محاور ظهر في "غورجياس" معارضا لقانون المدينة ومفضلا أن يسود قانون القوة.

(12) المقصود ب"المسألتين" التصوّر الديني والتصوّر العلماني لسياسة المدينة.

(13) كونفوشيوس: (551/479) ق م وهذه التسمية مأخوذة من التحريف اللاتيني للاسم الأصلي وهو كونغ فو تسو ممّا يدلّ على مورد معرفتنا به. فيلسوف صيني معلم للحكمة يبدو أنّه أوّل من وضع تصورا للإنسان الفاضل وللمجتمع المنسجم حيث يقع احترام كلّ فرد لموقعه ولمواقع الآخرين ضمن تركيبة اجتماعية فئوية كما يبدو أنّ هناك صدى لأفكاره في كتابات ابن المقفع خاصة الأدب الكبير والأدب الصغير ورسالة الصحابة وهو افتراض يحتاج للبرهنة.

(14) Bernard de Mandeville (1670/1733)  فيلسوف وشاعر وطبيب هولندي استقر في بريطانيا له قصيد شهير(صدر في كتاب) بعنوان امثولة النحل The fable of bees سنة 1705

ورقة يصدرها الباحث والمترجم: عبد المجيد يوسف/ تونس

مرحبا بكم في مجالس الرّكن النيّر للإبداع

23-4-2020

Flag Counter

أصدقاء مجالس الرّكن النيّر

أبو أمين البجاوي إسماعيل هموني البشير المشرقي البو محفوظ العامريّة سعد الله الفاضل الكثيري أماني المبارك أميرة بن مبارك إيمان بن ابراهيم إيناس أصفري بدوي الجبل بسمة الصحراوي بشر شبيب جمال الدين بن خليفة جميلة القلعي جميلة بلطي عطوي حليمة بوعلاق خالد شوملي خير الدين الشابّي رائد محمد الحواري سعيدة باش طبجي سلوى البحري سليمان نحيلي سنيا مدوري سوف عبيد صابر الهزايمه صالح مورو صباح قدرية (صباح نور الصباح) صبيحة الوشتاتي صفيّة قم بن عبد الجليل عبد الأمير العبادي عبد الحكيم ربيعي عبد العزيز جويدة عبد الفتّاح الغربي عبد الله بن عيسى الموري عبد المجيد يوسف عدنان الغريري عزّ الدين الشّابّي عنان محروس غادة إبراهيم الحسيني فاطمة محمود سعدالله فردوس المذبوح فيروز يوسف فيصل الكردي كفاية عوجان لطفي السنوسي لطفي الشابّي لمياء العلوي لودي شمس الدّين ليلى الرحموني محمد القصاص محمّد الهادي الجزيري محمّد سلام جميعان محمّد صوالحة محمّد مامي محمّد مبروك برهومي محمد مبسوط مختار الماجري مراد الشابّي منى الفرجاني ميساء عوامرية ناصر رمضان ندى حطيط هندة السميراني وهيبة قويّة يوسف حسين