السبت، 2 يناير 2021

لوحة ونصّ: تماسّ، للشّاعر لطفي الشّابّي، لوحة الفنّانة منى الفرجاني

لوحة تماسّ للفنّانة التشكيليّة: منى الفرجاني/ تونس

تــَـمَــاسّ

 هِـــــي:

لا شيء يُصغي في البياضِ إلى بكاء هواجسي

لا لحن يرقص في سَمائكَ

لا يديك على يديّ  

ولا نوارس في المدى

صفراء أوردتي... صفراء كفّي

جرداءُ مثل حديقة هجرت روابيها السّحائبُ والبُروقُ

وضجّ في دمها القتادْ

صفراء قاحلة رؤايَ

والليلُ أصفر تحت ريشاتي النديّة بالغناء.

 

هــو:

أنا لستُ ظلّكْ

لست المُرجّى من حوار اللّون في صمت البياضِ

لستُ انبعاث الضّوء من غبش الرّماد

إن خاتلتكِ البارقاتُ وغامَ دربُكْ

أنتِ ما سكب الغياب بمقلتيْكْ

وصداكِ يَنجُم من رؤاكِ

ورؤاك تركض في دماكِ...  وتصطفيكْ.

 

هـــي:

هذا دبيبُكَ يا زمانَ الموت في جسدي أراه

لبس الظّلامَ ولفّني

هذا وَجيبُك، كيف أهرب من مَداه

غَلِقٌ مدايَ، ولا هواءَ يدور في فَلَكِ الكلام

والضّوء في شفتي رمادْ.

 

هـــو: 

أنا بوحُك المكتوم، أنتِ خلقتِني

أنت استعرت لِيَ الضّياءَ  

ولبستِ ألوانَ المرايا المزهراتِ

وأعرتِ للأشكال صوتكْ

أنا لستُ ظلّكْ.

 

هــي:        

ناديتُ وجهكَ يا حبيبي فشجّني الصّمتُ الثّقيلُ

وغار صوتي في صداهْ

زرقاء أيّامي من غير نبضك في دمي

والقلب يلهث في المدى

هذي طريقك مِلءَ وجهي

وخُطاي في النّجوى دُخانْ

هذي حدائقك الشهيّة في رؤايَ وفي ظِلال خواطري

لكنّ عينِي لا تراكَ

ولا تسمّي ما أريد وما أرى.

 

 هــو:   

أنتِ الرّحيل وأنت ريحُك والشّراعُ

وأنا المؤمَّل من رحيلكِ

كلّما انطفأت رياحٌ

وُلدتْ بُروقٌ في يديك وتحرّكت أجراسَ فجْركْ  

أنا لستُ ظلّكْ.

 

هـي:  

لِمَ كنتَ تنْجُمُ في رؤاي ولا تحاورني يداكْ

لِمَ كنتَ تضحك من بُكائي

وتُشير بالصّمت الثّقيل على صهيلي

لا الرّوح تسلو ما تكسّر في رؤاها  

ولا تضمّكَ أو تراكْ؟

زرقاء أرضكَ... 

والمدى ماءٌ تحدّر من هديلكَ في يباس أناملي

زرقاء بسمتُك اليراعُ على شفاهي اليابسه

فعلام يكسرني الظّلامُ على يديكَ

ولا ترمّمني يداكْ

حتّامَ أمحو كلّ وجه في صباحي

ولا أرى وجها سواكْ ؟

 

 هــو:   

أنتِ من رسم السّماء وحرّك الأرياحَ فيها  

وأنت من كسَر الجناحَ 

وكسّر الألوانَ تجهدُ كيْ تسرّح في خطاكِ دمَ الصّباحْ

أنا لستُ ظلّكْ  

دَعي المرايا

قُدّي الظّلام وكوني أنتِ بَعدَه

ضوْءا يقُدّكِ من رؤاك

فلا يخونك أو يصُدّكْ!

الشّاعر: لطفي الشّابّي

من ديوان: نصف قمر على ليل الحديقة

الجمعة، 1 يناير 2021

نصّ ولوحة: بصيصُ أملٍ/ كتابة: فيصل الكردي، رسم: فيروز يوسف

اللوحة لـ: فيروز يوسف

 بَصِيْصُ أَمَلٍ

السّاعةُ الحادية عشرة قبل منتصفِ اللّيلِ... لا أعلمُ ما بال هذا التّوقيتِ بالذّات... فما إن يحينَ حتى ينتابُني شعورٌ أنّه وقتُ استيقاظِ تلك الجُزيئاتِ من الدّماغِ المسؤولةِ عنْ سرْدِ أحداث حياتي السلبيةِ... فيُؤذنُ ببدايةِ الثورة اليوميّة مابينَ الجُيوش نفسها... أنا وتلك الأحداث...

كي أكون صادقاً... أيّ شخصٍ سيُلقي بنَظَرهِ على صفوفِ الجيوش سيَغدو ساخراً... فأعْدادُ العدوّ لا تبشرُّ بخيرٍ أبداً... وتُنبؤ بهَزيمةٍ نكراء لي... ولكنني وُلدتُ محارباً من أنفاسيَ الأولى... ولا أعترفُ بالهزيمة... فالحرْب خُدعةٌ... والشّجاعةُ سلاح... والأمَلُ جيشٌ بحدّ ذاتِه...

غالباً ما تستَمرّ تلكَ الحربُ الضّروسُ طويلاً... فتارةً يبادرُ العدوُّ بهجومٍ فتّاك يحملُ معه ذكريات طفولَتي المريرة... ونظَراتي على دُمى صديقي الّتي جلبها معهُ كيْ نُمضي بعضَ الوقت معاً... تلكَ النّظرات الّتي أصِفُها بغيومٍ ثقيلةٍ حمَلتْ بِباطنها الكثير من الدُّموع... وتنتظرُ الوقتَ المناسب... وقتَ رحيلِه... كي تأذَن بالمطرِ الغزيرِ... وتارةً تهجمُ عليَّ بمراحلِ الشّباب... حاملةً معها تعليقاتي عَلى صورِ أصدقائي في مواقعِ التواصلِ الاجتماعيّ... أباركُ لهذا بِخطوبتهِ... وأفرحُ لذاكَ بمناسبةِ مولودِهِ الأوَّل... وأشاركُ الضّحكاتِ مَع أولاءك الّذين قَضوْا إجازتِهم الصيفيّةِ على إحدى تلك الجُزُر... تعليقاتٍ أصِفُها بمياهِ نهرٍ اختلطَ ببحرٍ... فبعضُها حلوٌ يحملُ في طياتِهِ فرحًا و سرورا... وبعضُها مالحٌ يَحرقُ العيون فتدْمع... أحاولُ التصدّي قَدْرَ المُستطاع لتلكَ الهجماتِ... وفي كُل تصدٍّ أفقِدُ جُزءاً من جَيشي الّذي يُقدّمُ حياتَه تضحيةً كيْ أستمرّ بالمضيِّ قُدُماً...

تتوالى هَجمات العدوِّ... ويُوشِكُ الجمهور أنْ يُعلنَ نهاية الحرب بهزيمتي... وفي كلّ مرّةٍ أصلُ لتلك اللّحظة... تأتي الإمْدادات... تأتي وُعودُ أمّي "سيَفتحُ اللهُ عليكَ قريباً"... ومُواساة أختي "لا تَحْزن فالخيرُ آتٍ"... وسَنَدُ أخي "أنا مَعك ما حييت"... ونَصائحُ أصدقائي "لا تيْأس فالفرجُ قريبٌ"...  فَتَدُكُّ جيوشَ العدوِّ دكًّا... فيبدأُ بالانسحاب... ويأتي صَوْتٌ من بعيدٍ يُؤذنُ بتمام الساعةِ الثانية عشرة... ويَبدأُ يومٌ جديد... فأبْتَسمُ ابتسامةَ النّصرِ... لقد صَمَدتُ مرّةً أخرى... فأُغمضُ عَيْنيّ... وترتاحُ دموعي... ويَرتوي حَلقي... سأعيشُ لأقاتلَ ليلةً أُخرى... فما زال هنالك بَصِيْصُ أَمَل.

 

كتابة: فيصل الكردي

رسم: فيروز يوسف

 

* اللّوحة: الخلفية أسود حبر.

الأبيض أكريليك أبيض  مع طامس الحبر... الأبعاد A4

مرحبا بكم في مجالس الرّكن النيّر للإبداع

23-4-2020

Flag Counter

أصدقاء مجالس الرّكن النيّر

أبو أمين البجاوي إسماعيل هموني البشير المشرقي البو محفوظ العامريّة سعد الله الفاضل الكثيري أماني المبارك أميرة بن مبارك إيمان بن ابراهيم إيناس أصفري بدوي الجبل بسمة الصحراوي بشر شبيب جمال الدين بن خليفة جميلة القلعي جميلة بلطي عطوي حليمة بوعلاق خالد شوملي خير الدين الشابّي رائد محمد الحواري سعيدة باش طبجي سلوى البحري سليمان نحيلي سنيا مدوري سوف عبيد صابر الهزايمه صالح مورو صباح قدرية (صباح نور الصباح) صبيحة الوشتاتي صفيّة قم بن عبد الجليل عبد الأمير العبادي عبد الحكيم ربيعي عبد العزيز جويدة عبد الفتّاح الغربي عبد الله بن عيسى الموري عبد المجيد يوسف عدنان الغريري عزّ الدين الشّابّي عنان محروس غادة إبراهيم الحسيني فاطمة محمود سعدالله فردوس المذبوح فيروز يوسف فيصل الكردي كفاية عوجان لطفي السنوسي لطفي الشابّي لمياء العلوي لودي شمس الدّين ليلى الرحموني محمد القصاص محمّد الهادي الجزيري محمّد سلام جميعان محمّد صوالحة محمّد مامي محمّد مبروك برهومي محمد مبسوط مختار الماجري مراد الشابّي منى الفرجاني ميساء عوامرية ناصر رمضان ندى حطيط هندة السميراني وهيبة قويّة يوسف حسين